أعلنت الدائرة الجزائية الثالثة في المحكمة الإدارية بمحافظة جدة عدم إدانة رئيس البلدية المتهم باستغلال وظيفته والتربح منها بطرق غير شرعية وشراء أراض ليس لها صكوك واستخراج صكوك عليها دون مسوغات نظامية، فيما تمت إدانته بالاشتغال بالتجارة كونه موظفا عاما وغرم بمبلغ 10 آلاف ريال، وذلك بعد مداولات مكثفة امتدت طوال الأشهر الماضية وانتهت إلى إصدار الحكم الابتدائي الذي أبدى أطراف القضية عدم قناعتهم به. وعقب الجلسة خص رئيس البلدية (في المرتبة الثانية عشرة) «عكاظ» بتصريح أكد فيه عدم قناعته بالحكم مطالبا بالبراءة الكاملة، وقال «أدنت بالاشتغال في التجارة وأنا لم أشتغل بها، فيما كنت طوال الجلسات الماضية واثقا من براءتي من تهم استغلال وظيفتي للتربح ولهذا رفضت القناعة بالحكم». بدوره أشار مستشاره القانوني غازي الصبان إلى أن حصول موكله على عدم الإدانة باستغلال منصبه ووظيفته في شراء أراضي بلا صكوك كان أمرا مسلما به منذ بداية الجلسات، مضيفا «لدنيا بحمد الله قضاء نزيه وعادل وهذا الحكم هو تأييد لحكم البراءة السابق الذي حصل عليه موكلي وتمت إعادته من محكمة الاستئناف، فالحق ظاهر وجلي، وكان القاضي متزنا وتنقل بين أطراف القضية، واستمع للجميع قبل أن يصدر حكمه». جلسة ساخنة وكانت الجلسة الأخيرة قد شهدت حضور الشاهد الذي طالب ناظر القضية بحضوره وامتنع في الجلسة الماضية فتمت مخاطبة الجهات المعنية لإلزامه بالحضور إجباريا في جلسة الأمس والتي شهدت تجاذبا ساخنا بين ممثل الادعاء والمتهم ومحاميه، فيما قاد رئيس الدائرة الجلسة مبتدئا بإعادة الاتهام الموجه من هيئة الرقابة والتحقيق بحق المتهم والذي تحدث عقب ذلك مؤكدا على براءته من الاشتغال بالتجارة، ومشددا على أن الوكالة التي باسمه من إحدى السيدات كان لا يعلم عنها، وبعد أن علم بها لم يقم بدور الوكيل لها ولم يمارس أي أعمال لها أبدا. وأضاف المتهم «خلال عملي 30 عاما لم أستغل نفوذ منصبي أو وظيفتي، نعم اشتريت 11 قطعة أرض بصكوك شرعية نظامية ودفعت قيمتها من أموال شركة والدي رحمه الله ولم تكن للاستثمار وما تزال بحوزتي لم تبع». وأبان المتهم أنه لم يقم سابقا ولا الآن بشراء أراض بلا صكوك ولم يعبث بأي نظام طوال عمله كرئيس بلدية أو موظفا حكوميا، وقال «لم أدخل شريكا مع الشاهد الذي حضر الجلسة اليوم (أمس)». وأضاف «تم إيقافي لمده 63 يوما على ذمة القضية قبل أن توجه إلي جهات التحقيق أي اتهام، وكل الاعترافات السابقة غير صحيحة وقد أجبرت عليها بعد أن أخذت مني بالقوة». وأضاف: «الإجراء كان مخالفا لنظام الإجراءات الجزائية والذي ينص على ضرورة توجيه الاتهام للمتهم خلال 3 أيام من إيقافه إلا أنني ظللت لفترة تجاوزت الشهرين». شاهد «القوة الجبرية» عقب ذلك تم استدعاء الشاهد الذي حضر لأول مرة بعد أن تم استدعاؤه بالقوة الجبرية، حيث أجاب على استفسار القاضي حول علاقته بالمتهم مفيدا «كان يعمل رئيسا لبلدية في نطاق المنطقة التي أعمل أنا بدوري عمدة لها، ولكن لم أشتر معه أي أراض ولم أدخل معه في أي شراكة، وما أدلى به في اعترافاته المبدئية لدى جهات التحقيق غير صحيح، وهو يحاسب عنها، ولكن أؤكد أمامكم أني لم أشترك معه في أي عملية شراء لأراض بصكوك أو بلا صكوك». وأكد القاضي بدوره على الشاهد على أنه حضر للشهادة فقط، وليس طرفا في القضية، ووجه سؤاله لممثل الادعاء عن ما سمعه من ردود وأقوال من المتهم والشاهد، ليشير ممثل الادعاء إلى أن الثابت من اعتراف المتهم أنه اشتغل بالتجارة واشترى أراض، كما أنه استغل نفوذ وظيفته لمصلحة شخصية وقام بشراء أراض بدون صكوك شرعية، وشارك الشاهد في ذلك. وزاد ممثل الادعاء بأن المتهم بادر بشراء الأراضي ولم يراع الأنظمة في عمليات الشراء، كونه موظفا حكوميا، وقد اشترى أراض في نطاق البلدية التي يرأسها، وشدد على أن المتهم اعترف وصادق على اعترافه شرعا بمشاركة مجهولين ومن ضمنهم الشاهد الحاضر للجلسة هذا اليوم. يمين المتهم المتهم بدوره رد على تلك الأقوال وهو يقسم بالله أنه لم يشتر أراضي بلا صكوك وقال «كنت في دار الإيقاف مضطربا ومسلوب الإرادة، وأنا مستعد لأداء اليمين الشرعي بأنني لم أقم بشراء أراض بدون صكوك شرعية، ولم أخالف الأنظمة وأقر مرة أخرى بأنني اشتريت 11 قطعة أرض بأموال شركة والدي، ولكنها أراض بصكوك شرعية وما تزال إلى الآن معي لم يتم التصرف بها». واستطرد المتهم أمام اللجنة القضائية على أن اسمه أدرج ضمن محاكمات سيول جدة وهو لا علاقة له بها، وقال «أتساءل حتى الآن على أي أساس أدرج ملف اتهامي ضمن ملفات السيول، ولم أترأس أي إدارة نفذت مشاريع أو اعتمدت مشاريع في جدة، ولكن أدرج اسمي عنوة، وتمت تبرئتي سابقا وأعيد اتهامي مرة أخرى، وأنا على يقين بأنني بريء بإذن الله. وفي مقابل ذلك واصل الادعاء اتهامه قائلا «المتهم حتى اليوم ينكر اعترافه ويصر على أنه كان مسلوب الإرادة وأنه اعترف بالإكراه، ولكنه لم يقدم أي دليل يثبت هذا الإكراه الذي تعرض له، ولم يحضر أي بينة على ذلك، فيما أحضر المدعي أدلة تؤكد قيامه بشراء أراض في نطاق البلدية التي يرأسها، وتم إحضار إقراره الشرعي، واعترافه الذي صادق عليه متضمنا قيامه بشراء أراض بلا صكوك وكل إنكاره لهذه الاعترافات بلا أدلة وكلامه مجرد دفوع وأقوال مرسلة لا دليل عليها. محامي المتهم أجاب بدوره ناظر القضية بقوله «موكلي لم ينكر قيامه بشراء أراض بصكوك وقد أحضرت الصكوك وسلمتها لجهات التحقيق طواعية وبرغبتي للتأكيد على براءتي، أما عن الإكراه فقد سجن 63 يوما، فيما كان يخضع لعمليات تحقيق طويلة، وكان نتاج ذلك اعترافه غير الصحيح والمكره عليه وأعتقد أن بقاءه تلك الفترة دليل إكراه وإجبار». ورد ممثل الادعاء بأن تلك الأقوال مرسلة والمتهم لم يقدم ما يثبت تعرضه للإكراه، ونحن نتمسك بذلك حتى يظهر العكس. فوجه رئيس البلدية المتهم سؤالا لممثل الادعاء حول ما إذا كان يستطيع أن يثبت أن إيقافه طوال تلك المدة كان نظاميا وليس مخالفا لنظام الإجراءات الجزائية، وأضاف «أوقفنا وأجبرنا على الاعتراف ولا خيار لنا في ذلك». عقب ذلك طلب الشيخ الدكتور سعد المالكي رئيس الدائرة الجزائية الثالثة من جميع الأطراف ووسائل الإعلام مغادرة الجلسة ليقضي ما يقارب نصف الساعة تداول خلالها مع أعضاء لجنته القضائية قبل أن يطلب من الجميع العودة، قائلا: «في هذا اليوم الأحد الموافق 10/2/1434ه وبعد التداول في القضية المنظورة أمامنا قررنا عدم إدانة المتهم باستغلال وظيفته والتربح منها بطرق غير شرعية وشراء أراض دون صكوك، ومن ثم إخراج صكوك عليها دون مسوغات نظامية، فيما تمت إدانته بالاشتغال بالتجارة كونه موظفا عاما وغرم بمبلغ 10 آلاف ريال. المتهم أبدى عدم قناعته بالحكم، وكذلك ممثل الادعاء الذي طلب صورة من الحكم للاعتراض عليه.