ترتفع الأصوات في العالم حول ضرورة تدخل عسكري أمريكي غربي في سوريا لحسم المعركة وإنهاء الصراع الدائر ولجم إجرام النظام الأسدي ضد شعبه. إلا أن علامات استفهام تدور حول توقيت هذه المطالبة وأبعادها الحقيقية. تترافق التطورات السياسية مع الانتصارات المتلاحقة التي يحققها الجيش السوري الحر، فبعد حسمه للمعارك لصالح الثورة السورية في غالبية المناطق السورية حيث لم يعد لسلطة بشار وجود في غالبية المدن والريف السوري، وبعد عجز بشار رغم الدعم الروسي والإيراني وحزب الله له من أن يحقق أي تقدم في ريف دمشق، نجح الجيش السوري الحر في نقل المعركة إلى قلب دمشق حيث تدور المعارك في أكثر من حي دمشقي، كما أن الجيش الحر استطاع أن يعطل حركة مطار دمشق الدولي بعد جعل المطار وحرمه منطقة عسكرية حيث تدور الاشتباكات في جميع المناطق المحيطة بالمطار بعد سيطرته الميدانية على طريق المطار الذي لم يعد آمنا لوصول الإمدادات العسكرية البشرية من إيران وغيرها. هذه التطورات ترافقت مع تحرك دولي واسع لافت، فبعد موافقة الحلف الأطلسي على نشر بطاريات صواريخ باتريوت على الحدود التركية المتاخمة للحدود السورية تم تحريك موضوع استخدام الرئيس بشار للأسلحة الكيماوية ضد الشعب السوري، فإضافة للتحذير الذي أطلقه الرئيس الأمريكي أوباما منذ أيام للرئيس الأسد وأعلن فيه أنه في حال استخدامه للسلاح الكيماوي فإن نتائجه ستكون عليه وخيمة وإن المجتمع الدولي لن يسكت عن استخدام هذا السلاح المحرم دوليا، ومن مخيم الزعرتي للاجئين السوريين في الأردن أعلن أمين عام الأممالمتحدة مون تحذيرا مشابها للأسد وكذلك فعلت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون. وقد ترافق مع هذا التحذير الواضح تصويت 92 عضوا من مجلس الشيوخ الأمريكي من أصل 100، على قرار يطالب وزارة الدفاع بأن تقدم إلى اللجان العسكرية لمجلس الشيوخ والنواب تقريرا عن الخيارات العسكرية المتاحة من استخدامها ضد شعبه ولإيجاد الظروف المناسبة للانتقال إلى نظام سياسي ديمقراطي وتعددي في سوريا. ومنذ كشف احتمال استخدام نظام الأسد للأسلحة الكيماوية تسارعت الاتصالات بين واشنطن وحلفائها الأوربيين وحلفائها في المنطقة وتحديدا الدول المحيطة بسوريا ومراجعة السيناريوات المحتملة وسبل التدخل لمنع كارثة كيميائية. ووفقا للمعلومات الواردة من واشنطن أشارت مصادر عسكرية أمريكية إلى «أن لديها في منطقة الشرق الأوسط ما يكفي من القدرات العسكرية لتنفيذ عملية عسكرية في سوريا وأن الجيش الأمريكي قام خلال الأيام الماضية بتحديث مخططات عسكرية تتعلق بتوجيه ضربة عسكرية للجيش السوري ودفاعاته الجوية». تشير كافة الوقائع والمعطيات إلى أن الرئيس أوباما في ولايته الثانية بات أكثر تحررا باتجاه قرار تدخل أكثر فاعلية بوقف آلة التدمير في سوريا وخاصة سلاح الطيران والدبابات وأن التدخل العسكري بات مرجحا في هذه المرحلة قبل انهيار كامل للمؤسسة العسكرية السورية.