تنجم البطالة عن زيادة عرض العاملين عن الطلب، ولهذا فإن الحلول التقليدية في معظم دول العالم لمشاكل البطالة تركز على زيادة الإنتاج ليزيد الطلب على العمالة ويزيد التوظيف، إلا أن واقع الاقتصاد المحلي الممتلئ بالخصوصيات تدفعه إلى طرح حلول لتقليص العرض وإحلال عمالة وطنية محل عمالة وافدة باستخدام اليآت معدلة أو مبتكره. ومن المعروف أن العوامل التي تؤثر في الطلب وتحدد الوظائف المتاحة للأفراد مثل السياسات الاقتصادية والتصنيعية والنقدية والمالية، ونوع التكنولوجيا المطبقة فى الإنتاج، ونصيب كل قطاع اقتصادى فى التنمية، عوامل تتغير أسرع من التغيرات في العوامل التي تؤثر على عرض العمل، مثل حجم وهيكل السكان وتوزيعهم، والأجور، ونظم التعليم والصحة، وتنظيمات سوق العمل، ولهذا فرضت العمليات التنموية الضخمة خلال سنوات مضت زيادة الطلب عن الامكانيات المحلية، ما أدى إلى استقدام وقدوم أعداد كبيرة من الوافدين للعمل. ورافق التطور التنموي قيم ومفاهيم جديدة للعمل والإنتاج، وكذلك طرق مبتكرة لإدارة وتشغيل المشاريع التي لها الأولوية في الإنفاق الحكومي، ما أدى إلى تغيير هيكل الإنتاج والتوظيف وبالتالي ظهور عدة أشكال من البطالة. ومع زيادة عدد السكان بمعدلات مرتفعة ونمو أعداد خريجي وخريجات المؤسسات التعليمية في الداخل أو العائدين من المبتعثين إلى الخارج، بجانب الباحثين عن عمل بعد تركهم القطاع الخاص والأعمال الحرة التى فشلت كمشاريع اقتصادية كانت ناجحة في الظروف السابقة، فزاد عدد العمالة الوطنية عن عدد الوظائف الجديدة والاحلالية وبالتالي مزيد من البطالة ونمو مدفوعات الحماية الاجتماعية. وعلى الرغم من تعاظم الإنفاق الحكومي على مشاريع وقطاعات متنوعة، إلا أنها لم تعد قادرة على خلق وظائف جديدة تتلاءم مع حجم هذا الإنفاق، مثلما فعلت في الماضي، بسبب تشوه العلاقة بين الأجر والإنتاجية، والانتقاء الوظيفي وعدم ملاءمة الأعمال والوظائف التي تخلقها هذه المشاريع للمهارات المتاحة سواء لأنها أعلى أو أدنى من متطلباتها، ما يعني عزوف أوعدم تفضيل العمالة الوطنية العمل في هذه النوعية من الأعمال. وبالتالي يفرض هذا الواقع أن يتجه ولو بعض الإنفاق الحكومي إلى المشاريع التي توفر وظائف ملائمة لإمكانات الأفراد الباحثين عن عمل وتكون مقبولة في أعينهم وتصوارتهم لنوعية الأعمال التي يقبلونها. وقد يتطلب التعامل مع هذا الواقع وتطويع أسواق العمل للحالات الخاصة دراسات واقعية وشفافة للمتاح من العمالة والقوانين وانعكاسات الانظمة عند تطبيقها أوالتحايل عليها.