شعرت بالتقزز وأنا أشاهد الهاشتاق الذي وضعه أحدهم على تويتر بعنوان «خيانة الآباء الذين يرسلون بناتهم للابتعاث»، فما إن دشنه صاحبه حتى ابتدأ قذف طوب المفردات الهابطة على الآباء والأسر التي تبتعث بناتها وحتى أبناءها، وتصاعدت الحملة لتشمل فكرة الابتعاث وبرنامج الابتعاث وكل من فكر فيه وتبناه ودعمه وعمل فيه، والمفارقة أنني كنت أقرأ ذلك قبل لحظات من حضور محاضرة للملحق الثقافي في أمريكا الدكتور محمد العيسى في جامعة جازان عنوانها «الابتعاث.. آمال وتطلعات» يوم الاثنين الماضي. لقد كان عليّ ألا ألوث صباحي بمزيد من الأوصاف والنعوت البذيئة لبرنامج الابتعاث والمبتعثين والمبتعثات التي تندرج في سياق الحملة الشرسة المستمرة التي يواجهها من المتقوقعين على أنفسهم في غياهب الماضي، ويصرون على أنهم وحدهم من يملكون الحق في رسم خارطة طريق الوطن في كل الأزمنة، والوصاية على كل الأجيال بفكرهم الذي ينضح بصدأ التخلف.. المعلومات التي سمعناها من الدكتور العيسى كانت في غاية الأهمية والإثارة لجهة إيجابيتها وإزالتها للقلق الذي ينتاب بعض العازمين على الالتحاق بالبعثات نتيجة الصورة القاتمة التي يجتهد البعض لترسيخها عن الخارج والآخر والمجتمعات التي سيذهب إليها المبتعثون والمبتعثات، والتي لا هم لها سوى اصطياد أبنائنا وبناتنا إلى معسكرات التنصير أو قذفهم في مستنقعات الرذيلة والفساد بكل أصنافه.. وأيضا كانت المعلومات عن انضباط والتزام المبتعثين والمبتعثات مريحة للجميع فقد كانت القضايا الجنائية والمدنية وقضايا إدارة الهجرة المسجلة لعام 2011 محدودة جدا ولا تكاد تمثل نسبة إحصائية تذكر لمجموع يقارب التسعين ألفا، كما أن نسبة الذين واجهوا مشاكل قانونية أو اجتماعية لا تزيد عن 2 % منهم. ورغم أننا نطالب بمزيد من توعية المبتعثين بقوانين وأنظمة الدول التي يسافرون إليها إلا أن مثل هذه المعلومات والأرقام تبعث اطمئنانا كبيرا في نفوسنا إلى أن شبابنا وشاباتنا مهما كانت الظروف يظل وعيهم وشعورهم بالمسؤولية أكبر من المجازفة في منزلقات الخطر والخطأ.. الذي يصر محاربو برنامج الابتعاث على تجاهله هو جانب التميز والإبداع للمبتعثين والمبتعثات الذين أثبتوا جدارتهم وتفوقهم في أفضل الجامعات والمعاهد، والنشاطات الاجتماعية والثقافية التي يشاركون فيها وتأثيرهم وتأثرهم الإيجابي بالمجتمع الذي يعيشون فيه.. ومهما كانت لنا من ملاحظات تهدف إلى تطوير برنامج الابتعاث، ومهما اعترته من سلبيات عابرة ونادرة بسبب قلة قليلة لا تمثل الغالبية العظمى، إلا أنه برنامج عبقري كما وصفه الدكتور العيسى، ونأمل أن يستمر.. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة [email protected]