يقول الواعظ حسن القعود في برنامج تلفزيوني على قناة بداية إن أكثر من 80 في المئة من المبتعثين السعوديين إلى بريطانيا هم من شاربي الخمور، هكذا دفعة واحدة لا أقل من ذلك بل ربما أكثر حسب نص قوله. بالتأكيد ما قاله أخونا الواعظ، الذي كان يولول ويلطم خلال اللقاء التلفزيوني، ليس الأول في حملة الترهيب ضد الابتعاث التي يشنها بعض المعادين لفكرة الابتعاث من أصلها، ولن يكون الأخير، لكنه الأجرأ بينهم، وجاء بما لم يأت به أساطين الصحوة كلهم. ولا أعرف، وأؤكد انه لن يستطيع هو أيضاً أن يعرف كيف حدد بالضبط عدد المبتعثين الذين تناولوا الخمر في بريطانيا؟ فقد قال إنهم يشكلون أكثر من 80 في المئة، بل قال في المقطع المتداول والوجود على اليوتيوب، أنهم قد يصلون إلى 90 في المئة، إذاًً كيف استطاع عدهم واحداً واحداً. بل كيف استطاع ان يراهم رأي العين وهم يعاقرون الخمور؟ ومن أين له تلك القدرة الجبارة حيث شهد عليهم بتناول الخمور ومعاقرتها؟ لا اعرف كيف يمكن لاحد ان يبرر لهذا الشخص اتهامه لأبنائنا وبناتنا الطلاب والطالبات تلك التهمة الشنيعة. وهو يعرف انه يسيء أيضاً ليس لهم فقط بل إلى أسرهم التي ينتمون إليها، ولمستقبلهم الذي سيظل مرهونا بتهم ألقيت جزافاً وربما حماسة، بالتأكيد المقطع حفل بالكثير من التهم والتحريض ضد المبتعثين وضد اسرهم، إضافة للتحريض لهم على عدم الموافقة على الابتعاث إلا بعد اخذ الموافقة الشرعية كما قال. انا لا اشك في ان بعض النيات حسنة في الحرص على الأبناء من الاندفاع وراء الملهيات، وعدم الانضباط التعليمي، لكنني أقول لأخينا الذي شد الرحال إلى بريطانيا متفقدا المبتعثين «حسب قوله» وداخلاً معهم في جامعاتهم وكلياتهم، من خولك الذهاب والمراقبة، ومن سمح لك بهذه المطاردة للمبتعثين بعدما ذهبوا إلى أقاصي الدنيا بحثاً عن مستقبلهم؟ الدولة بكل مؤسساتها لديها من القدرة على الابتعاث وعلى متابعة المبتعث من خلال السفارات والقنصليات والملحقيات، من دون الحصول على «لقافتك» ومساعداتك التي حملتك على القذف والاتهام، إذ يبدو أن العمل على أشده في الخفاء لإسقاط الابتعاث والمبتعثين، بعد ان فشل مشروع الغائه واستئصاله. فهؤلاء المبتعثون سيعودون إلى المملكة محملين بتهمة شرب الخمر ولن يستطيع أي احد منهم أن يثبت انه ليس من ال80 في المئة المتهمين او انه من ال20 في المئة الأبرياء. بالله من يستطيع أن يقول انه بريء؟ فعند أول خلاف أو نقاش سيتهم المبتعث بأنه «خمرجي وسكرجي»، وسيكون لدينا عشر سنوات اخرى من تهم الخمرجيين بدلاً من التغريبيين. وعلى كل من يريد الانعتاق من تلك التهمة الارتماء في أحضان التشدد، لكي يُحمى ويُرضى عنه، ويصبح فوراً بريئاً من تهمة بغيضة ألقاها الواعظ فقط من اجل دفع الناس لمحاربة الابتعاث والمبتعثين. [email protected]