يبحث علم الفنولوجيا العربية في كتاب أصدره النادي الأدبي الثقافي في جدة، قبيل سنوات، الأصوات من حيث إخراج الحروف أو ما يعرف «بالنبر»، وأحسب أن الدكتور محمد كامل خطاب رحمه الله كانت نبرته الصوتية ذات تميز خاص حينما كان يقرأ نشرات الأخبار في الإذاعة والتلفزيون، وحينما يدرس الباحث المجودين أمثاله، فيجب أن يدرس طبقات أصواتهم، فلدينا منهم العديد دون ضرب أمثلة؛ كمحمد الشعلان رحمه الله، ومحمد الرشيد، وماجد شبل، ود. محمد صبيحي، وغالب كامل، وعلي داوود، وبدر كريم، وخالد اليوسف، وعلي بعداني، وعلي الخضيري، وأخيه منصور الخضيري، وأمين قطان... وغيرهم.. ولكل واحد منهم ميزات وميزات، ولكن ربما لأنني لم أعمل مع كل واحد منهم عن كثب كالدكتور خطاب الذي كان وهذه أهم ميزة من ميزاته ينطق أسماء الأعلام بشكل صحيح. فعلى سبيل المثال: كنا نكتب اسم «بريجنسكي» بالجيم، فيصححه بالزاي هكذا «بريزنسكي»، و«بريجنيف» ينطق «بريزينيف»، والأول مستشار الأمن القومي الأمريكي، والثاني رئيس وزراء روسيا. وكان منضبطا بمواعيده حتى إن ابنته كانت مريضة ذات مرة، فجاء ليسجل برنامج «الأحداث في أسبوع». لم يكن أيضا عجولا، حيث كان يلتزم بمراجعة النصوص قبل النشرة بوقت كاف ويشكلها، فالأخبار ليس فيها أستاذ، بل هي أستاذة الجميع. وفي الولاياتالمتحدةالأمريكية كنت أستشيره في أمور الدراسة، فلم يكن يبخل علي بالمشورة، وكنت أشعر بعمق خبرته التي قادته لإكمال دراسته في جامعة وسكنسن.. والآن بين يدي رسالة قصيرة من إعداد الطالب عثمان عبدالله غسان بقسم الإعلام في كلية الآداب، جامعة الملك سعود، بإشراف الدكتور محمد خطاب عام 1402ه، 1403ه حول «دوافع الاستماع للقسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية»، وهي عبارة عن استقصاء ميداني على عينة من المواطنين العرب الذكور المقيمين بمدينة الرياض من سن 15 سنة فما فوق. وكما جاء في مقدمة الدراسة أن من أهم دوافع الاستماع للإذاعات الأجنبية الحصول على خبر أو تحليل أو تعليق أو معلومات أو برنامج... إلخ، لا يتمكن الفرد من الحصول عليه من الإذاعات المحلية.. وأسند الباحث إلى الدكتور محمد العويني بجامعة القاهرة في كتاب «الإعلام الدولي» قوله: إن عدد المستمعين للإذاعات الدولية يقدر بالملايين في العالم العربي، لأهمية أن العرب يتمتعون بخصائص الاستماع لهذه الإذاعات، وفي مقدمتها هيئة الإذاعة البريطانية. والمواطن العربي يستمع إليها لأنه لا يجد في وسائل الإعلام العربية ما يشبع رغباته.. فضلا عن مضمون البرامج واعتمادها على خبرات علمية ذات مران طويل، لأنها تضع العربي في قلب الأحداث من خلال الرسائل الحية التي يذيعها مراسلوها من مختلف أنحاء العالم، واستعانتها بالمختصين والخبراء في الشؤون الدولية.. كما أنها تراعي الدين الإسلامي بإذاعتها لبعض الآيات القرآنية، وتستعين بفريق من العرب لتولي العمليات الإذاعية. ويقرر الباحث أن كل ما تقدم لا يعدو أن يكون رأيا شخصيا أو تصورا مبدئيا مبنيا على الملاحظة فقط، لا قطع فيه ولا حقائق وأرقام ناتجة عن قياس لاتجاهات وآراء المستمعين للإذاعات الدولية. رحم الله الدكتور محمد خطاب، فكما كان متفانيا في عمله الإعلامي كان أيضا في عمله الأكاديمي الذي آمن بأنه رسالة، وما هذه الدراسة التي بين يدي إلا إحدى ثمرات إشرافه التي أستفيد منها بالإطلاع، فلله الحمد وهو ولي التوفيق.