ليس من المعقول سبر غور صناعية شارع الحج في العاصمة المقدسة دون التطرق إلى معاناة الأهالي من التلوث الذي يجتاح مساكنهم الناتج عن الورش المتاخمة لها، فضلا عن الإزعاج الصادر منها، واختناقات السير التي تحدثها المركبات المتوجهة إلى المنطقة ليل نهار. وعلى الرغم من وصف رئيس بلدية المعابدة الفرعية صناعية شارع الحج ب«السرطان» الذي يجب استئصاله سريعا، بنقلها خارج النطاق العمراني، إلا أن أمانة العاصمة المقدسة تعزو تعثر مشروع إخراجها بعيدا عن مساكن الأهالي إلى عدم توافر البديل المناسب. وشدد عدد من سكان شارع الحج وحي ريع ذاخر على أهمية تخليصهم من الورش الصناعية، معتبرين إبعادها عنهم سيريح أكثر من 15 ألف نسمة متضررون منها، خصوصا أنها شيدت في منطقة مخالفة على مجرى السيول. وبين طلال الحربي أن المجلس البلدي والأمانة وبلدية المعابدة الفرعية وعدوا سكان شارع الحج وريع ذاخر بنقل المنطقة من حيهم إلى خارج النطاق العمراني، لكن ذلك لم يحدث، مشيرا إلى أن تلك الجهات تبرر تأخر عملية النقل بسبب عدم توافر البديل المناسب. وقال الحربي: «نعيش معاناة مستمرة، فلا نستطيع النوم ليلا ونواجه صعوبات في الوصول إلى منازلنا في النهار بسبب إغلاق الطرق بالسيارات، كما أن مستوى النظافة متدنٍ»، مشيرا إلى أن المعاناة تتفاقم يوما بعد آخر. إلى ذلك، ذكر سعيد الزهراني أن المنطقة الصناعية نشأت في منطقة محظورة يمنع فيها البناء لخطورتها لأنها تقع في مرمى السيول، ملمحا إلى أنه لم يرخص فيها البناء وسمح فقط بتحويلها إلى منطقة مستودعات. واستدرك بالقول: «لكن فجأة ودون سابق إنذار تحولت إلى أكبر مدينة صناعية في مكةالمكرمة، على الرغم من تعرضها في العام 1425ه لسيول جارفة، حولتها إلى بحيرة كبيرة، ولم تجد الجهات المختصة سوى إيجاد نفق لتصريف مياه السيول كحل مؤقت لمنع تعرضها للغرق»، مبينا أن أكثر من 15 ألف نسمة يعانون في مساكنهم مما تفرزه المدينة الصناعية من مشاكل اجتماعية وأمنية وبيئية. بدوره، وصف عبدالرحيم الصاعدي الحياة في شارع الحج وريع ذاخر بأنها لا تطاق، بفعل المدينة الصناعية، ملمحا إلى أن المعاناة تتفاقم يوما بعد آخر. وأعرب عن استيائه من العشوائية المفرطة التي تطغى على المكان، إضافة إلى غياب العقوبات التي من المفترض أن تطال المخالفين من ملاك الورش الذين يتسببون في مضايقة السكان في وضح النهار، مشددا على أهمية إيجاد الحلول قبل حدوث ما لا يحمد عقباه. وعلى خط مواز، وصف رئيس بلدية المعابدة الفرعية المهندس فوزي الحارثي صناعية شارع الحج ب«السرطان» الذي لا بد من استئصاله، مشيرا إلى أن الحل الأنجع لوضع حد لمعاناة سكان شارع الحج وريع ذاخر هو نقل المدينة الصناعية خارج النطاق العمراني وتحويل موقعها إلى حدائق ومتنزهات تعوض السكان عن سنوات المعاناة التي عاشوها لقربهم من المنطقة الموبوءة. وبين الحارثي أن تشبيهه المدينة الصناعية في شارع الحج بالسرطان يأتي من قناعته، خصوصا أن اي محاولات تجرى لتصحيح وضعها لن يجدي، «وإذا كان هناك من تحرك فيجب أن يستند إلى قرار نقلها خارج النطاق العمراني». وقال: «يجب أن تكون المدينة الصناعية بعيدة عن النطاق العمراني، وتتوافر فيها مناطق لإسكان العمالة ومواقف للسيارات، إضافة إلى أن المنطقة الصناعية الحالية تقع في منطقة ضيقة جدا وتعتبر منطقة لتجمع السيول، وتحيط بها المباني السكنية من جميع الاتجاهات». وأكد رئيس بلدية المعابدة أنه طالب في جميع التقارير التي رفعها للأمانة والمجلس البلدي وإمارة منطقة مكةالمكرمة بضرورة نقل المدينة الصناعية، لافتا إلى أن لدى الأمانة الرغبة في ذلك، لكن عدم وجود البديل يؤخر مشروع النقل. وأرجع تدني مستوى النظافة في المدينة الصناعية إلى أن البلدية أبرمت عقود نظافة مع ثلاثة مقاولين وخاطبت ملاك المحلات التجارية والورش الصناعية بالتعاقد مع المقاولين، مؤكدا أنه لم يلتزم منهم سوى 20% فقط ما دفع أحد المقاولين بالانسحاب وتبقى اثنين. وأفاد الحارثي أن البلدية تتابع إجراءات النظافة، والتي تسير بشكل منظم لكنها صعبة ومعقدة نتيجة ما تخلفه تلك الورش من زيوت ومخلفات، موضحا أن البلدية تعاقدت مع مقاول لسحب السيارات الخربة.