أكد وزير النقل الدكتور جبارة بن عيد الصريصري أنه «ليس سرًا وجود مشروعات لم ينته تنفيذها في أوقاتها المحددة، وليس سرًا وجود مشروعات لا تتقدم الشركات لتنفيذها وليس سرًا وجود مشروعات متعثرة، وإن كانت هذه ليست حالة مقتصرة على المملكة بل تمر بها كافة الدول التي تشهد طفرة تنموية مشابهة إلا أنه من المهم تسليط الضوء بالتحليل المنهجي لكل الأسباب التي تؤدي إلى تأخر التنفيذ أو تعثره». وأوضح لدى افتتاحه أمس ندوة «إدارة المشاريع الحكومية في المملكة العربية السعودية» التي نظمها معهد الإدارة العامة بقاعة ابن خلدون بمركز الأمير سلمان للمؤتمرات بالمركز الرئيس للمعهد بالرياض إلى ضرورة دراسة أسباب تعثر المشاريع في المملكة والعمل على معالجتها من خلال الدراسة والبحث العلمي لمسبباتها. وتساءل الدكتور جبارة الصريصري قائلا: هل التعثر في المشاريع جاء لأسباب بيروقراطية أو بسبب الأنظمة الإدارية والمالية أو لوجود النقص في الكوادر الإدارية والفنية المؤهلة؟ أم هل هي الفجوة الموجودة بين مستوى التنمية الحالي الذي يتطلب السرعة والمرونة والديناميكية في اتخاذ القرار وبين الأنظمة التي وضعت في مراحل تنموية ماضية وليس من المهم اتباع أسلوب التقييم الفني لشركات المقاولات قبل ترسية المشروعات عليها وهل الاكتفاء بالتصنيف الحالي للمقاولين يعتبر كافيًا ويؤدي الغرض ويتناسب مع الوضع الراهن. ورأى أن تلك الأسئلة وغيرها ينبغي أن تنال حقها من البحث العميق والتحليل الدقيق، مشيرا إلى أن هناك من يترقب نتائج الندوة ليس فقط على المستوى الرسمي وإنما على المستوى الشعبي والقطاع الخاص أيضًا،. وقال الدكتور الصريصري: إن من ينظر للمملكة فإنه سيراها ورشة عمل لا تهدأ ففي كل مناطق المملكة مشروعات في جميع القطاعات وبمختلف الأحجام يجري العمل على تنفيذها في مجالات الطاقة والنقل والصحة والتعليم والموارد البشرية وغيرها من الجوانب التي تعزز الأمن والاستقرار والعيش الكريم، مؤكدا أن ذلك يأتي بدعم مباشر ومتابعة حثيثة من خادم الحرمين الشريفين الذي يوجه في كل لقاء ومناسبة بإنجاز المشروعات بالدقة المطلوبة وفي الوقت المحدد. ونوه وزير النقل بمساهمة معهد الإدارة العامة في عقد الندوة في الوقت الذي تعيش فيه المملكة هذا الحراك التنموي الهائل للبحث في كل ما يؤدي إلى تنفيذ المشروعات في أوقاتها المحددة وبالجودة العالية واقع المشروعات من جانبه أكد مدير عام معهد الإدارة العامة الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الشقاوي في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لندوة المشاريع الحكومية أن الدولة أنفقت وما زالت تنفق بسخاء على المشروعات الحكومية تمشياً مع التوجيهات السامية بأهمية تعزيز مسيرة التنمية وتحسين جاذبية البيئة الاستثمارية من أجل تحقيق مزيد من النمو الاقتصادي وإيجاد فرص عمل للمواطنين، مشيرا في هذا الإطار إلى ما تضمنته ميزانية العام الحالي من برامج ومشاريع جديدة ومراحل إضافية لبعض المشاريع التي سبق اعتمادها تبلغ قيمتها الإجمالية 265 مليار ريال تمثل 38.5% من الميزانية إضافة إلى المشروعات التي يصرف عليها من فوائض الميزانية والتي خصص منها هذا العام 250 مليار ريال لتمويل بناء 500 ألف وحدة سكنية. وأوضح الدكتور الشقاوي أنه برغم المبالغ الطائلة للإنفاق الحكومي على المشاريع إلا أن واقع بعض هذه المشاريع لا يعكس مستوى طموح القيادة والمواطن، مرجعا ذلك إلى عدد من الأسباب التي تقف عائقاً في طريق تنفيذ وإدارة المشاريع الحكومية من بينها أن المشاريع الإنشائية في القطاع الحكومي يكبلها عدد من القيود في الوقت والمال والقدرات الفنية والمعوقات التنظيمية والإدارية التي تؤدي إلى تعثرها والإخلال بجودتها المطلوبة، إضافة إلى المعوقات التي تحد من جهود تطبيق منهجية إدارة المشاريع في القطاع الحكومي، مثل قلة الحوافز، وضعف تأهيل العاملين في إدارة المشاريع وضعف الجانب التقني والتي تؤثر سلباً على نجاح المشاريع الحكومية وقد تتسبب في تعثر تنفيذها أو تفضي إلى فشلها. وشهدت الندوة مناقشة بحث ميداني من إعداد معهد الإدارة العامة إضافة إلى أوراق عمل مقدمة من عدد من الجهات الحكومية. تقرير «نزاهة» وكشفت هيئة مكافحة الفساد «نزاهة» أن من أسباب تعثر المشاريع هي إسناد مهمة الإشراف لبعض المشروعات عمدا لغير الأكفاء بغرض الاستفادة المادية وهذا يسفر عن تعثر المشروع وغياب الجدية في تطبيق العقوبات على المصممين والمشرفين والمقاولين الذين يتسببون في تعثر المشروعات، وكذلك وجود أسعار مختلفة لنفس العمل ويوجد أربعة أسعار مختلفة في بنود بعض المشروعات، وهذا يؤدي إلي دفع المقاولين للتفاهم مع المشرفين لاحتساب السعر الأعلى مما يعني صرف مبالغ بطرق غير مشروعة ووجود تداخل بين المصممين والمشرفين والجهات الممولة للمشروعات والأفضل هو الفصل بين هذه الجهات وكذلك البيروقراطية في إنجاز المعاملات الخاصة بالمشروع وأن وزارة المالية تفرض عقدا موحدا على جميع المقاولين وهذا العقد يصب في مصلحة مالك المشروع على حساب مصلحة المقاول. فيما ذكر ديوان المراقبة العامة أن هناك إفراطا في السماح بالتعاقد مع مقاولي الباطن وضعف أنظمة الرقابة الداخلية وأجهزة المتابعة والإشراف، وطالب بتأهيل المقاولين وصرف المستحقات لهم وكذلك عدم وجود أخلاقيات المهنة وعدم وجود إدارة المشروعات. وكشفت دراسة لمعهد الإدارة العامة أن 48 % من العاملين بإدارة المشروعات الحكومية يقرون بأن هنالك مشاكل وضعفا في تنفيذ المشروعات وأن 64% يقرون أن مرحلة التنفيذ والإنشاء هي الأكثر حدوثا للتعثر. وأفادت وزارة البلديات والشؤون القروية أن 97 % من إجمالي البلديات بينت أن عدد المشرفين غير كاف و 50% من البلديات تأثرت بقدرة المقاول، و77% تشير إلى أن هناك تأثيرا على جودة التنفيذ، وأن 40% من المقاولين غير ملتزمين، وأن 69 % من البلديات تفضل إسناد المشروعات لجهة إشرافية. جلسات الندوة وتضمنت الندوة ثلاث جلسات جاءت الأولى تحت عنوان «إجراءات وأساليب إدارة تنفيذ المشروعات الحكومية» رأسها وكيل وزارة التربية والتعليم للمباني والتجهيزات المدرسية المهندس إبراهيم بن صالح أبو بكر تم خلالها مناقشة 5 محاور رئيسة وهي فاعلية وكفاءة الأجهزة الحكومية في إدارة المشاريع، فاعلية الأنظمة والإجراءات المتبعة في إدارة المشاريع الحكومية،دور الجوانب الإدارية والفنية في تنفيذ المشاريع الحكومية، دور وكفاءة المكاتب الاستشارية والمقاولين في الإشراف والتنفيذ على المشاريع الحكومية إضافة إلى التحديات والمشكلات التي تواجه إدارة المشاريع الحكومية في المملكة. كما جاءت الجلسة الثانية التي رأسها نائب وزير المالية الدكتور حمد بن سليمان البازعي تحت عنوان «تعثر المشاريع الحكومية وسبل التغلب عليها» وتضمنت بدورها 5 محاور رئيسة وهي أسباب تعثر المشاريع الحكومية، الرقابة على المشاريع الحكومية، مسؤولية تعثر المشاريع الحكومية، كيفية تعامل الأجهزة الحكومية مع المشاريع المتعثرة. واختتمت الندوة بعقد الجلسة الثالثة التي عقدت برئاسة الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية بينبع الدكتور علاء بن عبدلله محمد سعيد نصيف وكانت بعنوان «تجارب محلية ناجحة في إدارة المشاريع» وتضمنت 4 محاور رئيسة وهي استعراض تجارب وخبرات محلية ناجحة في مجال إدارة المشاريع، أفضل الأساليب والآليات المتبعة في تلك التجارب، تحديد عوامل نجاح تلك التجارب، استخلاص الدروس المستفادة من تلك التجارب. كما شهدت الندوة استعراض ثلاث تجارب محلية ناجحة في إدارة المشاريع لعدد من الجهات المدنية والعسكرية. حضر الندوة عدد من الوزراء وكبار المسؤولين في القطاعين الحكومي والأهلي وعدد من أعضاء مجلس الشورى والمؤسسات العامة وأعضاء الجمعيات العلمية والمهنية والمهتمين من الأكاديميين في الجامعات والمختصين في مجال إدارة المشاريع الحكومية في القطاعين الحكومي والأهلي. وهدفت الندوة إلى تسليط الضوء على واقع إدارة المشاريع الحكومية وتحديد أهم التحديات والمشكلات التي تواجهها وسبل التغلب عليها. وتناولت عدداً من الموضوعات من بينها التعرف على إجراءات وأساليب إدارة تنفيذ المشاريع الحكومية وتعثر المشاريع الحكومية وسبل التغلب عليها واستعراضاً لتجارب وخبرات ناجحة في إدارة المشاريع.