تشير آخر التقارير الرسمية حول تعثر المشاريع الحكومية إلى أن حجم المشاريع التي تم تنفيذها بالوقت المحدد يبلغ 25% و50 % من المشاريع الحكومية متأخرة عن موعدها وتبلغ نسبة المشاريع المتعثرة كليا 25% من حجم المشاريع. يأتي ذلك في الوقت الذي دعا فيه وزير النقل الدكتور جبارة بن عيدالصريصري إلى ضرورة دراسة أسباب تعثر المشاريع في المملكة والعمل على معالجتها من خلال الدراسة والبحث العلمي لمسبباتها. وقال لدى افتتاحه أمس ندوة "إدارة المشاريع الحكومية إن من ينظر للمملكة فإنه سيراها ورشة عمل لا تهدأ ففي كل مناطق المملكة مشروعات في جميع القطاعات وبمختلف الأحجام يجري العمل على تنفيذها في مجالات الطاقة والنقل والصحة والتعليم والموارد البشرية وغيرها من الجوانب التي تعزز الأمن والاستقرار والعيش الكريم . وتابع حديثه قائلا :ليس سرًا وجود مشروعات لا تتقدم الشركات لتنفيذها وليس سرًا وجود بعض المشروعات متعثرة، وإن كانت هذه ليست حالة مقتصرة على المملكة بل تمر بها الدول التي تشهد طفرة تنموية مشابهة إلا أنه من المهم تسليط الضوء بالتحليل المنهجي لكل الأسباب التي تؤدي إلى تأخر التنفيذ أو تعثره". وزير النقل يتساءل :هل البيروقراطية السبب أوالأنظمة الإدارية والمالية أم نقص الكوادر المؤهلة وتساءل الصريصري قائلا: هل التعثر في المشاريع جاء لأسباب بيروقراطية أو بسبب الأنظمة الإدارية والمالية أو لوجود النقص في الكوادر الإدارية والفنية المؤهلة أم هل هي الفجوة الموجودة بين مستوى التنمية الحالي التي تتطلب السرعة والمرونة والديناميكية في اتخاذ القرار وبين الأنظمة التي وضعت في مراحل تنموية ماضية وليس من المهم إتباع أسلوب التقييم الفني لشركات المقاولات قبل ترسيه المشروعات عليها وهل الاكتفاء بالتصنيف الحالي للمقاولين يعتبر كافيًا ويؤدي الغرض ويتناسب مع الوضع الراهن. ونوه وزير النقل بمساهمة معهد الإدارة العامة في عقد الندوة في الوقت الذي تعيش فيه المملكة هذا الحراك التنموي الهائل للبحث في كل ما يؤدي إلى تنفيذ المشروعات في أوقاتها المحددة وبالجودة العالية، مبينا أنه" ليس سرًا وجود مشروعات لم ينته تنفيذها في أوقاتها المحددة . وشاركت في الندوة العديد من الجهات الحكومية والخاصة والتي قدمت التحليلات ومنها الهيئة السعودية للمهندسين والتي لخصت أسباب تعثر المشاريع الحكومية بما توصلت الية هيئة مكافحة الفساد بأن اسباب التعثر ترجع الى اسناد الاعمال من الباطن . بالإضافة إلى ضعف الإشراف على المشروعات سواء تم الاشراف عليها ذاتيا من قبل الجهة المالكة او خارجيا من قبل الاستشاري وعدم الاعتناء باعداد المشاريع وشروطها قبل طرحها للمنافسة مع ضعف كفائة اعضاء لجان الاستلام النهائي للمشاريع وربما تجاهلها او عدم قدرتها على ابراز بعض الاخطاء مما يضر بالمشاريع وبروز العيوب الفنية اثناء تسليمها. من جانبه أكد مدير عام معهد الإدارة العامة الدكتور عبدالرحمن الشقاوي أن الدولة أنفقت وما زالت بسخاء على المشروعات الحكومية تمشياً مع التوجيهات السامية بأهمية تعزيز مسيرة التنمية وتحسين جاذبية البيئة الاستثمارية من أجل تحقيق مزيد من النمو الاقتصادي وإيجاد فرص عمل للمواطنين . مشيرا في هذا الإطار إلى ما تضمنته ميزانية العام الحالي من برامج ومشاريع جديدة ومراحل إضافية لبعض المشاريع التي سبق اعتمادها تبلغ قيمتها الإجمالية 265 مليار ريال تمثل 38,5% من الميزانية إضافة إلى المشروعات التي يصرف عليها من فوائض الميزانية والتي خصص منها هذا العام 250 مليار ريال لتمويل بناء 500 ألف وحدة سكنية . وأوضح الشقاوي أنه برغم المبالغ الطائلة للإنفاق الحكومي على المشاريع إلا أن واقع بعض هذه المشاريع لا يعكس مستوى طموح القيادة والمواطن، مرجعا ذلك إلى عددٍ من الأسباب التي تقف عائقاً في طريق تنفيذ وإدارة المشاريع الحكومية . ومن بين هذه العوائق أن المشاريع الإنشائية في القطاع الحكومي تكبلها عددٌ من القيود في الوقت والمال والقدرات الفنية والمعوقات التنظيمية والإدارية التي تؤدي إلى تعثرها والإخلال بجودتها المطلوبة إضافة إلى المعوقات التي تحد من جهود تطبيق منهجية إدارة المشاريع في القطاع الحكومي، مثل قلة الحوافز، وضعف تأهيل العاملين في إدارة المشاريع وضعف الجانب التقني والتي تؤثر سلباً على نجاح المشاريع الحكومية وقد تتسبب في تعثر تنفيذها أو تفضي إلى فشلها. وشهدت الندوة مناقشة بحث ميداني من إعداد معهد الإدارة العامة إضافة إلى أورق عمل مقدمة من عدد من الجهات الحكومية . وتضمنت الندوة ثلاث جلسات جاءت الأولى تحت عنوان "إجراءات وأساليب إدارة تنفيذ المشروعات الحكومية" رأسها وكيل وزارة التربية والتعليم للمباني والتجهيزات المدرسية المهندس إبراهيم بن صالح أبو بكر تم خلالها مناقشة 5 محاور رئيسة . حضور كبير شهدته الفعاليات وهذه المحاور هي فاعلية وكفاءة الأجهزة الحكومية في إدارة المشاريع،فاعلية الأنظمة والإجراءات المتبعة في إدارة المشاريع الحكومية،دور الجوانب الإدارية والفنية في تنفيذ المشاريع الحكومية،دور وكفاءة المكاتب الاستشارية والمقاولين في الإشراف والتنفيذ على المشاريع الحكومية إضافة إلى التحديات والمشكلات التي تواجه إدارة المشاريع الحكومية في المملكة. كما جاءت الجلسة الثانية التي رأسها نائب وزير المالية الدكتور حمد بن سليمان البازعي تحت عنوان" تعثر المشاريع الحكومية وسبل التغلب عليها " وتضمنت بدورها 5 محاور رئيسة وهي أسباب تعثر المشاريع الحكومية،الرقابة على المشاريع الحكومية ،مسئولية تعثر المشاريع الحكومية،كيفية تعامل الأجهزة الحكومية مع المشاريع المتعثرة. واختتمت الندوة بعقد الجلسة الثالثة التي عقدت برئاسة الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية بينبع الدكتور علاء بن عبدلله محمد سعيد نصيف وكانت بعنوان" تجارب محلية ناجحة في إدارة المشاريع" وتضمنت 4 محاور رئيسة وهي استعراض تجارب وخبرات محلية ناجحة في مجال إدارة المشاريع،أفضل الأساليب والآليات المتبعة في تلك التجارب،تحديد عوامل نجاح تلك التجارب،استخلاص الدروس المستفادة من تلك التجارب. كما شهدت الندوة استعراض ثلاث تجارب محلية ناجحة في إدارة المشاريع لعدد من الجهات المدنية والعسكرية.وحضر الندوة عدد من أصحاب المعالي الوزراء وكبار المسؤولين في القطاعين الحكومي والأهلي وعدد من أعضاء مجلس الشورى والمؤسسات العامة وأعضاء الجمعيات العلمية والمهنية والمهتمين من الأكاديميين في الجامعات والمختصين في مجال إدارة المشاريع الحكومية في القطاعين الحكومي والأهلي.