بدأ التعامل مع مفهوم المسؤولية الاجتماعية في الشركات منذ السبعينيات. وكانت الآراء متضاربة حول أهمية نشاط المسسؤولية الاجتماعية، فهناك كان من يرى أن قيام الشركات بنشاط المسؤولية الاجتماعية يعتبر غير ذات جدوى من تطبيقها، وهي تعتبر تكلفة زائدة على الشركة. ومن أنصار هذا الرأي المفكر فريدمان. ولكن مع ظهور نظام العولمة زاد الاهتمام بالمسؤولية الاجتماعية من قبل الشركات، حيث أصبحت الشركات عالمية النشاط، وباتت تشعر بأن أخبارها تنتشر بسرعة كبيرة ويسهل التعرف عليها حين قيامها بأي عمل في إطار المسؤولية الاجتماعية، وبالفعل ظهرت مبادرات عالمية من شركات كبيرة في المجتمع الأمريكي والأوروبي، فقامت بعض الشركات العالمية بتطبيق مفهوم المسؤولية الاجتماعية في مجالات متعدة، منها المجال الصحي والتعليم والبيئة وحماية المستهلك وتأكيد الجودة، بالإضافة إلى العمل الاجتماعي وفتح الفرص أمام العاطلين عن العمل وإكسابهم الخبرة والدراية بثقافة العمل. وانطلاقا من الشعور بأهمية النشاط على المستوى المحلي قامت بعض الشركات المحلية والمؤسسات المالية بتطبيق مفهوم المسؤولية الاجتماعية. وظهرت نتائجها في المجتمع خلال السنوات القليلة الماضية، ولكن لم يصل إلى المرحلة الدولية والمكانة التي يطمح إليها المجتمع. والسبب في ذلك يعود إلى ضعف مستوى الفهم الحقيقي لنشاط المسؤولية الاجتماعية، حيث ترى بعض الشركات أن المسؤولية الاجتماعية القيام بالأعمال الخيرية ومساعدة المساكين والصدقات، بينما المسؤولية الاجتماعية تعني جاهزية الشركات، بأن تساهم في تلبية احتياجات المجتمع المتعددة والمختلفة، التي تشمل جميع المجالات الادارية والاقتصادية والفكرية والثقافية والإنسانية والتعليمة وتنمية المهارات والبحث العلمي وحماية البيئة وحقوق الانسان وحقوق المستهلك وغيرها من المجالات الأخرى. وتبادر جامعة الملك عبدالعزيز من وقت لآخر في تنظيم اللقاءات الفكرية والعلمية في مجال المسؤولية الاجتماعية، كي تساعد القطاع الخاص والمجتمع في الوصول إلى المفهوم العلمي السليم للمسؤولية الاجتماعية وإلى كيفية التفكير في تأسيس إدارة في كل شركة للمسؤولية الاجتماعية، ينجم عنها برامج ومبادارت تنفع المجتمع وتحقق التنمية المستدامة. كما يلتقي في يوم الأربعاء المقبل من هذا الأسبوع في جامعة المؤسس الخبراء والشركات من القطاع الخاص والعاملين في مجال المسؤولية الاجتماعية في حوار علمي وتطبيقي بعنوان «المسؤلية الاجتماعية وانعكاسها على المجتمع»، ويرأس الملتقى سمو الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز الذي سيساهم بجانب إدارته للحوار في طرح بعض الأفكار والتجارب في مجال المسؤولية الاجتماعية. والسؤال الكبير الذي يمكن أن يناقش في الملتقى هو: ما حجم المشاركة المجتمعية للشركات المحلية في المملكة وخصوصا في مجال نشاط المسؤولية الاجتماعية للشركات، وهل هناك معايير لتقييم حجم وكفاءة وقدرة تلك الأنشطة في تلبية احتياجات المجتمع والتعاون في سبيل تحقيق التنمية المستدامة،؟ وتشكر الجامعة بأن جعلت اللقاء مفتوحا لجميع المهتمين من داخل الجامعة وخارجها بالحضور والمشاركة. * رئيس مجموعة أبحاث الاقتصاد والتسويق [email protected]