رائحة المجد تبدأ من عرق الرجال.. والوصول إلى القمة تصنعه سواعد الباحثين عنها.. وقس على هذا ما شئت فقد قال شاعرنا ذات يوم: لا يمتطي المجد من لم يركب الخطرا. لقد تعلمنا من ربيعنا العربي أن الحرية لا تمنح وإنما تؤخذ وتنتزع ودونها خرط القتاد.. وفي ميدان التحدي على المستطيل الأخضر شيء من هذا القبيل.. فطريق الفوز ليست مفروشة بالورود ولا مرصوفة بالأماني الكاذبة.. إنها باختصار شديد مسألة إرادة وهدف وإنجاز. وفي يقيني أن حسم مصير بطاقة التأهل لقمة آسيا في مواجهة الجارين اللدودين هذه الليلة لن يخرج إطلاقاً عن هذه الثلاثية المطلوبة «إرادة هدف إنجاز «.. فهي المهر الشرعي للفوز بهذه العروس. تعودنا في إعلامنا الرياضي أن نرصد كل صغيرة وكبيرة في تفاصيل التنافس التقليدي بين الاتحاد والأهلي.. فنحن أمام قمة عالية في جبل التحدي الكبير، وكتابة تاريخ جديد في سجل لقاءات الفريقين.. لكن مواجهة الليلة تفرض علينا أكثر من ذلك بكثير، ليس لأنها الأولى بينهما على الصعيد الآسيوي فحسب، بل لكونها أيضا حفل تنصيب ممثل الوطن وإعلان السفير السعودي المعتمد في قمة آسيا والمرشح بعد ذلك للعالمية في مونديال الأندية. حزمة كبيرة من المكتسبات التي تتحقق باجتياز هذه المرحلة الحاسمة في مشوار البطولة.. ولا مجال هنا لسردها والخوض فيها، لكنها في مجملها تشعل لدى الفريقين فتيل الحرص الشديد والرغبة الأكيدة للفوز ببطاقة التأهل مهما كلف الأمر. لن ترضى جماهير الناديين بغير الفرحة، ولن تقبل منهما النوم على عتبة التمني.. وستصب غضبها على رأس من يفرط في هذه الفرصة التاريخية ويحرمها من الحلم الكبير. إن أكبر التحديات التي تواجه العميد والقلعة لحسم الإياب هذه الليلة هي تلك الصخور التي تشكلت في لقاء الذهاب.. ففوز الاتحاد بهدف يتيم في الجولة الأولى أو كما نسميه «الشوط الأول» يضع النمور على صفيح ساخن من الضغط النفسي.. فالفوز بهدف واحد من النتائج المثيرة للقلق في أي مباراة وبإمكان الخصم تعديل النتيجة وقلب الطاولة في أية لحظة. هذا الهاجس يرفع مؤشر التوتر لدى نمور الاتحاد وكما يقول نابليون: «إن أكبر خطر يكمن في لحظة الانتصار».. لأنك مطالب بالحفاظ عليه وتعزيز مكتسباته وبقوة.. وتتأكد هذه المطالب مادامت المعركة لم تنته بعد وتزداد الصعوبة عندما يكون الخصم بقوة وشراسة تماسيح الأهلي. وفي المقابل.. داخل القلعة الخضراء يرفرف علم واحد يحمل عبارة تقول: «لا بديل عن الفوز ولا فوز بلا إرادة». هكذا أجد الواقع المفترض في النادي الاهلي، فليس أمام الفريق خيارات مماثلة لتلك التي يلعب بها الاتحاد.. فالخسارة في الذهاب هي بمثابة صخرة كبيرة تعترض طريق التماسيح وتحول بينهم وبين الوصول إلى القمة التي طال الحلم بها.. وبالتالي تشتد حرارة الضغوط ويرتفع سقف المطالب الجماهيرية فلن تتزحزح هذه الصخرة أو تتحطم إلا بالفوز ولا شيء غير الفوز. خلاصة: بالروح تفترس النمور.. وبالجنون تنتفض التماسيح.