النقاش الدائر حول كيفية التعامل مع محاولات إيران الرامية إلى تطوير قدراتها في مجال تصنيع الأسلحة النووية يركز على خيارين. الأول يتلخص في الاعتماد على الردع، والتعايش مع إيران التي تمتلك ترسانة نووية صغيرة، أو القدرة على تجميع السلاح النووي في فترة قصيرة. والثاني حول شن ضربة عسكرية وقائية تهدف إلى تدمير الأجزاء الحرجة من البرنامج الإيراني، وعرقلة التقدم الذي أحرزته إيران. ولكن خيارا ثالثا برز الآن، هو التفاوض على سقف للبرنامج النووي، على ألا يكون هذا السقف منخفضا بدرجة كبيرة بالنسبة لحكومة إيران، أو مرتفعا بدرجة أعلى مما ينبغي بالنسبة للولايات المتحدة، وإسرائيل، وبقية العالم. الواقع أن هذا الخيار كان متاحا لسنوات، وفي جولات عدة من المفاوضات. ولكن ما تغير هو السياق. وأي تغيير في السياق قد يكون حاسما، بل إن ما يجري بعيدا عن طاولة المفاوضات يكاد يحدد نتيجة المحادثات المباشرة. ويتمثل أكثر التغيرات التي طرأت على السياق أهمية في تدهور الاقتصاد الإيراني بسرعة كبيرة. فقد أصبحت العقوبات المالية موجعة إلى حد كبير. وكانت الفكرة تتلخص في أن الزعامات الإيرانية سوف تختار البقاء إذا اضطرت إلى الاختيار بين بقاء النظام أو امتلاك الأسلحة النووية. وقريبا قد تخضع هذه الفرضية للاختبار في العالم الحقيقي. ففي الأسابيع الأخيرة انخفضت قيمة الريال الإيراني بنسبة 40 في المئة تقريبا، الأمر الذي أدى إلى زيادة حادة في معدل التضخم في إيران، فضلا عن تكاليف الاستيراد. وهناك عوامل أخرى قد تمنح المفاوضات فرصة حقيقية. فالاضطرابات في العالم العربي تشير إلى أن أي نظام في الشرق الأوسط لم يعد محصنا؛ ولابد أن يكون زعماء إيران في غيبوبة إذا لم يدركوا هذه الحقيقة. ولكن الوقت حان الآن لتقديم حزمة شاملة لإيران. ماذا ينبغي لها أن تقوم به والمكافأة التي ستحصل عليها في المقابل. ومن الأهمية بمكان أيضا تحديد موعد نهائي لقبول إيران لمثل هذا الاتفاق، خشية أن تستغل فرصة المزيد من المفاوضات لكسب الوقت في تحسين قدراتها النووية. من المحتمل أن يدفع السياق الاقتصادي والسياسي الجديد حكام إيران إلى قبول ما رفضوه حتى الآن. ومن ناحية أخرى، إذا ظل النظام مصمما على ملاحقة أهدافه النووية، فسوف يتبين لنا بوضوح عدم وجود أي بديل للخيارين الأولين: فإما مهاجمة المنشآت الإيرانية، أو التعايش مع إيران المسلحة نوويا. والواقع أن الخيارين مكلفان ومحفوفان بالمخاطر. نحن نميل إلى التفكير في الدبلوماسية باعتبارها أمورا تجري في طي الكتمان؛ ولكن في بعض الأحيان قد يكون من الأفضل أن تخرج إلى العلن. وهذه لحظة تستلزم العلن. ولكن الوقت عنصر بالغ الأهمية؛ ويتعين على الدبلوماسية أن تتحرك بسرعة أكبر خشية أن تسبقها إيران في مسيرتها نحو تصنيع السلاح النووي . مدير التخطيط السياسي السابق في الخارجية الأمريكية