أكد وزير الخارجية النرويجي إيسبن بارت أيدي ضرورة إيجاد حل دبلوماسي للأزمة السورية. وقال أيدى الذي تولى منصبه الجديد قبل أسابيع، في حوار مع «عكاظ» إننا نتحفظ على أي تدخل عسكري في سورية لأنه ستكون له عواقب سيئة جدا في المنطقة. ولفت أن الموقف الدولي حيال هذه الدولة مختلف عما كان عليه تجاه ليبيا. فالدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي غير متفقة على رأي موحد، والمجلس فشل، وغير قادر على حماية الشعب السوري من القمع والتنكيل الذي يتعرض له من قبل نظام بشار الأسد الذي اختار طريق الصراع والمواجهة بدلا من التوافق والتعاون. ورأى أن سياسة المستوطنات الإسرائيلية تشكل عقبة أمام تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط. داعيا إلى ضرورة تبني خيار الدولتين. وفيما يلي نص الحوار: مع توليكم حقيبة وزارة الخارجية حرصتم على التأكيد على أهمية تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط، فما الذي يدفعكم إلى تبني ذلك الموقف ؟ في الحقيقة نحن في أوسلو كنا دائما حريصين على عملية السلام في الشرق الأوسط. كما كنا من أوائل الدول الأوروبية التي رحبت بمبادرة خادم الحرمين الشريفين المعروفة باسم المبادرة العربية للسلام. ولدينا قناعة بأنه لا بديل لخيار الدولتين، وأن سياسة المستوطنات الإسرائيلية تشكل عقبة حقيقية أمام تحقيق السلام في المنطقة. لوحظ أنكم بدأتم بالمطالب الفلسطينية في الكلمة التي ألقيتموها في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة؟ نعم لأننا نرأس لجنة الاتصال الخاصة بمساعدة الشعب الفلسطيني، والمعنية بالتقرير الخاص بدعم السلطة الفلسطينية. وقد أجريت عدة لقاءات في هذا الشأن على هامش دورة الجمعية العامة. وانتهز هذه الفرصة لأعرب عن قلقي حيال المساحة المخصصة لموضوع الدولة الفلسطينية في العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية. وأعتقد أن هذه المساحة سمحت بأن نصبح بصدد مؤسسات فلسطينية فاعلة. وكانت هناك آمال كبيرة لخطوات الدولة الفلسطينية لكنها للأسف تراجعت الآن. فمنذ عام أجمعنا في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة على أن الخطوة التالية ستكون التحرك باتجاه الدولة الفلسطينية. لكن اليوم وفي ظل الأزمة الطاحنة في سورية نقول إن الوقت يجري بسرعة كبيرة. فضلا عن أن الشعب الفلسطيني سئم التأجيل، وقد يبحث عن بدائل ربما يكون من شأنها عرقلة تطلعاته المشروعة. كما ألاحظ إرهاقا من قبل الدول المانحة التي تدعم الجانب الفلسطيني. ولذلك أنادي بضرورة وقف الاستيطان الإسرائيلي فورا، والبدء في عملية السلام. وهذه الخطوة تتطلب الخروج من الطريق المسدود، وإعادة الثقة في المشوار السياسي الذي يرتكز على الحل النهائي لإعلان الدولة الفلسطينية. علما أن مفتاح الحل هو استئناف المفاوضات المباشرة والتي ينبغي أن تبدأ الآن. في ظل الترتيبات الجارية للمرحلة الانتقالية في سورية، كيف تقرؤون مسار الأزمة السورية؟ ندين بشدة أعمال العنف، وخرق مبادىء حقوق الإنسان. ونؤيد التقرير الصادر عن مجلس الأمن الدولي، إذ بات واضحا من خلاله أن هناك موقفا دوليا موحدا يدين العنف والقتل الذي تشهده المدن السورية. ونطالب بالبدء في خطوات المرحلة الانتقالية. وقد استضفنا في مدينة بودو النرويجية الشهر الماضي مع مجموعة الدول الأسكندنافية لقاء مركز العدالة والمسؤولية الخاص بسورية الذي يوجد مقره في مدينة ليون الفرنسية، وتتمثل مهمته في تدوين الممارسات المعنية بخرق مبادىء حقوق الإنسان في الملف السوري. فضلا عن أن الملفات التي سيجمعها ستمهد لخطوات المرحلة الانتقالية السلمية، وعملية المصالحة التي ينبغي أن تكون مرافقة لهذه المرحلة المهمة. وتحرص النرويج على دعم هذا المركز سياسيا وماليا؛ انطلاقا من قناعتنا أن عمليات القتل زادت بشكل ملحوظ في سورية خلال هذا العام. إلى جانب ذلك نؤيد العقوبات الأوروبية المفروضة على النظام السوري، وعلى 26 شخصية سورية، كما ندعم جميع الخطوات التي من شأنها الضغط على النظام السوري بما فيها سد القنوات التي يمر منها السلاح إلى سورية. وأناشد مجلس الأمن أن يتوحد للخروج من الحالة الدراماتيكية في سورية ولا ينبغي إتاحة الفرصة للمصالح الشخصية في مقابل رياح التغيير. لأن المجلس فشل في حماية الشعب السوري. وكان أمام بشار الأسد أن يختار طريق التوافق والتعاون، إلا أنه اختار طريق الصراع والمواجهة. كان ملف الأزمة السورية في مقدمة الملفات التي بحثها وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي «الناتو» في اجتماعه مؤخرا، لكن استمر تحفظ الحلف على التدخل عسكريا لحسم الأزمة، فما السر وراء ذلك التحفظ؟ ما يجري في سورية مصدر قلق لدول الجوار ولنا في أوروبا، وفي حلف الأطلسي. والخيار الدبلوماسي وإنجاح مهمة المبعوث الأممي العربي الأخضر الإبراهيمي من أولويات سياستنا، ونتحفظ على أي تدخل عسكري. وفي اعتقادي أن الحلف يسلك في هذ الشأن سياسة حكيمة، لاسيما أن التدخل العسكري ستكون له عواقب سيئة جدا في المنطقة. فالموقف الدولي حيال أزمة سورية مختلف عما كان عليه تجاه الأزمة الليبية، والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن غير متفقة على موقف موحد حيال الأزمة السورية. والمجلس غير قادر على حماية الشعب السوري من القمع والتنكيل الذي يتعرض له من قبل قوات نظام بشار الأسد. ما هي قراءتكم لخطاب المملكة في القمة الثالثة لمجموعة الأسبا التي تضم الدول العربية، ودول أمريكا اللاتينية؟ في رأيي أن العالم بات اليوم في حاجةإلى قنوات حوار وتفاهم لا يدخل فيها العمق الجغرافي كأولوية لهذا الحوار. ونحن كدولة في شمال أوروبا ذات علاقات قوية مع الدول الأسكندنافية، ودول بحر البلطيق يهمنا التعرف على التحالفات الدولية والتي يمكن المشاركة معها، والتعرف على القضايا المطروحة فيها. ومن هذا المنطلق كان اهتمامنا بقمة الأسبا وخطاب المملكة الذي نقل التصورات العربية حول الأزمة السورية، وقضية السلام في الشرق الأوسط. فضلا عن القضايا التي نراها ملحة جدا مثل مكافحة الإرهاب، والتطرف، وتفعيل مفاهيم السلام والاستقرار وحوار الثقافات. هل تتوقعون اجتماعا قريبا لمجموعة 5+1 بشأن الملف النووي الإيراني ؟ هذا هو المطلوب لاسيما بعد اجتماع وزراء خارجية دول المجموعة على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة. حيث شاركت الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا والمفوضة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية كاثرين أشتون في الاجتماع، واتفق الجميع على أنه ينبغي اتخاذ الخطوات اللازمة من أجل تفعيل المفاوضات الدبلوماسية في الملف النووي الإيراني. ونحن منذ عام 2002 لدينا انطباع بأن إيران لا تكشف عن حقيقة وطبيعة برنامجها النووي. ورغم ذلك ما زالت لدينا قناعة أن اللقاء الأخير بين أشتون ومفوض الملف النووي الإيراني سعيد جليلي في إسطنبول قد يسفر عن لقاء مرتقب مع المجموعة. ونرى أن العقوبات المفروضة على إيران أسفرت عن نتائج من شأنها تفعيل الحوار للتوصل إلى حل سياسي ودبلوماسي لهذه الأزمة. كيف تقيمون العلاقات النرويجية السعودية ؟ تتفق العلاقات النرويجية السعودية في نقاط تتمثل في تحقيق السلام والأمن، والحد من الأسلحة النووية، وأسلحة الدمار الشامل، إضافة إلى حوار أتباع الأديان والثقافات. وهذه الملفات تصب في علاقات مبنية على الثقة المتبادلة بين البلدين. وفي نفس الوقت تربط الدولتين علاقات ذات صلة بالأمن الاستراتيجي وهو ما كان ملحوظا خلال استضافة النرويج للمؤتمر العشرين للطاقة الذي عقد في أغسطس (آب») الماضي وشاركت فيه شخصيات سعودية بارزة، وشركات سعودية تعمل في مجال النفط والغاز. وماذا عن العلاقات النرويجية الخليجية؟ نحن مهتمون جدا بالعلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي. وعلى دراية بأهمية منطقة الخليج، وضرورة استقرارها، وتحقيق الأمن فيها. وهو أمر يتطلب من جانبنا في أوروبا توطيد العلاقات التجارية والاقتصادية بجانب العلاقات السياسية والأمنية مع هذه الدول. والحقيقة أن ملف الطاقة النظيفة يشكل طرفا مهما في العلاقات الخليجية النرويجية.