طالب نائب رئيس الوزراء، ووزير خارجية لكسمبورج جان أسلبورن روسيا والصين بإعادة النظر في موقفيهما حيال الأزمة السورية. وقال أسلبورن في حوار مع «عكاظ» ليس من المعقول أن توافق دول تتمتع بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن على استمرار هذه المأساة ، مناشدا المجلس اعتماد قرار يدعو لوقف أعمال العنف، ويدعم المبادرة العربية التي تقضي بالترتيب لمرحلة انتقالية. وثمن الدور السعودي قائلا إنه مرتكز مهم لسياسة دول مجلس التعاون، ويضع إطارا للأمن والاستقرار في المنطقة. ورأى أن الخيار العسكري لحل مشكلة الملف النووي الإيراني لن يحقق الأهداف المطلوبة. وفيما يلي نص الحوار: • تشهد الدبلوماسية العربية تحركا «ديناميكيا» لمعالجة ملف الأزمة السورية، فكيف ترون الدور السعودي في هذا الشأن؟ • أثبتت الأحداث الراهنة على الساحة العربية أن الدور السعودي بات أكثر أهمية. وقد تابعنا مواقف المملكة التي عبر عنها وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل. ونحن نؤيد الخطوات الرامية للحل السياسي من أجل مساعدة الشعب السوري. ونقف مع المطالب السعودية بشأن وقف نزيف الدماء، وتنفيذ بنود المبادرة العربية الخاصة بتخلي النظام السوري عن الحكم والترتيب لمرحلة انتقالية، وهذه أيضا من أولويات الاتحاد الأوروبي. ولذلك فنحن نؤكد على أهمية الدور السعودي، ونسعى للتعاون معه في ملفات عدة. وملف أزمة سورية هو الأكثر إلحاحا الآن على الساحة العربية والدولية. ولذلك نرجو أن يتواصل الأمين العام للأمم المتحدة السابق كوفي عنان في مهمته الخاصة في سورية. وإضافة إلى ذلك نرى أن دور المملكة التي تعتبر شريكا استراتيجيا مهما لأوروبا كان حاضرا في ملف اليمن. كما هو حاضر في الملفات المتعلقة بالأوضاع في منطقة الخليج ومن خلال دعم التطورات العربية في دول الربيع العربي. • توجت المبادرة الخليجية بنقل السلطة من الرئيس اليمني السابق صالح إلى الرئيس التوافقي هادي من خلال انتخابات رئاسية، فما تقييمكم للأوضاع الحالية في اليمن؟ • من المؤكد أن الدور البناء الذي يقوم به الملك عبد الله بن عبد العزيز هو الذي مكن من تحقيق خطوات التحول في اليمن من خلال المبادرة الخليجية التي مهدت لتحقيق دبلوماسية إيجابية عملت على الحفاظ على وحدة الأراضي اليمنية. ونحن إذ نقدر دور المملكة في تحقيق الأمن والاستقرار في الخليج، فإننا نؤكد أيضا على دعمنا لاجتماع أصدقاء اليمن الذي من المقرر أن تستضيفه الرياض الشهر المقبل. ونعتقد أن هذا اللقاء سيضع ليس فقط لليمن وإنما لمجلس التعاون وللمجتمع الدولي ولدول الاتحاد الأوروبي خارطة طريق لكيفية تقديم العون الإيجابي والبناء لليمن في الفترة الانتقالية التي تمر بها البلاد، وبعد أن تحقق الانتقال السلمي للسلطة في البلاد. • في ضوء اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في العاصمة الدانمركية كوبنهاغن مؤخرا، هل لك أن تحدثنا بالتفصيل عن الموقف الأوروبي حيال الملف السوري؟ • ذلك الاجتماع حرص كثيرا على التأكيد على موقفنا فيما يخص الملف السوري والتعامل من خلال حل سياسي للأزمة. فضلا عن السعي للتوصل إلى قرار من مجلس الأمن يعطي مظلة للمبادرة العربية. كما اتفقنا على العمل من أجل فرض مزيد من العقوبات على سورية إلى جانب تحقيق إيجابيات في الملف الإنساني الذي هو من ضمن التحديات المهمة التي يواجهها الشعب السوري في ظل القصف المتواصل للمدنيين. وقد تحفظنا على تسليح المعارضة من منطلق الحد من نزيف الدم، وطالبنا المعارضة بالعمل على توحيد صفوفها حتى يتسنى دعم حوار مستقبلي للحالة السورية، وتحقيق النقلة السياسية في ظل نظام ديمقراطي يحترم مبادىء حقوق الإنسان ويحقق الحرية. وإلى جانب ذلك ناقشنا إمكانية فرض مزيد من العقوبات على سورية، دون المساس بالشعب السوري الذي يعاني من أوضاع إنسانية متردية للغاية. وتفعيل العقوبات التي سبق إصدارها في اجتماعات الاتحاد الأوروبي الأخيرة لتصل إلى المطالبة بأن يتحمل النظام السوري مسؤولية تورطه في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وألا تبقى هذه الجرائم دون عقاب. وأكدنا على أهمية فتح ممرات آمنة للمعونات الإنسانية والضغط على النظام السوري فضلا عن إصدارنا لبيان ثلاثي مشترك لدول البنلوكس (هولندا وبلجيكا ولوكسمبورج) على هامش مشاركتنا في اجتماع أصدقاء سورية في تونس. وقد وجهنا في البيان مطالب أساسية لنظام الأسد أهمها وقف إطلاق النار فورا، وتسهيل مهمة المنظمات الإنسانية ودعمنا لمشوار سورية من أجل الديمقراطية والتعددية ودولة القانون. إضافة إلى ذلك نرى أن الدور السعودي أساسي وذو نفوذ كبير في حل أزمة سورية، فالرياض تقوم بدور محوري وفعال. وتشارك الجامعة العربية في تنفيذ القرار العربي بإنهاء العنف، وتحقيق التحول السياسي في سورية. ولذلك نطالب أن تعيد روسيا والصين النظر في موقفيهما لأنه ليس من المعقول أن توافق دول تتمتع بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن على استمرار هذه المأساة، ونطالب وبشكل عاجل باعتماد مجلس الأمن قرارا يدعو إلى وقف أعمال العنف في سورية، ويدعم المبادرة العربية حيث نعتقد أنه بإمكان روسيا أن توافق على قرار إنساني في هذا الملف. في نفس الوقت سيستمر الاتحاد الأوروبي في فرض العقوبات على سورية والعزل السياسي. • كيف تقرأون مستقبل علاقات بلادكم مع المملكة ؟ • نحن فخورون بعلاقاتنا الممتازة مع المملكة. وهي علاقات تتسم بالاحترام المتبادل بين الدولتين الصديقتين، وتهتم بملفات ذات اهتمام مشترك سواء على المستوى الثنائي أوالمستوى العربي والدولي. ونحن نقدر الجهود التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين من أجل السلام، ودعم حوار الحضارات وتفعيل الدور الاستراتيجي المهم للمملكة. ولا شك في أن الدور السعودي يشكل مرتكزا مهما لسياسة دول مجلس التعاون الخليجي، ويضع إطارا للأمن والاستقرار في منطقة الخليج، ويدعم الشراكة مع دول الاتحاد الأوروبي. كما يهمنا التعاون بشكل خاص مع الرياض في مجال السلام لا سيما فيما يخص الشرق الأوسط فضلا عن الملفات الملحة مثل ملفات سورية، اليمن ودول الربيع العربي. • ما رؤيتكم لمقترح خادم الحرمين الشريفين لانتقال مجلس التعاون الخليجي من صيغة التعاون إلى الاتحاد ؟ • هذا المقترح يؤكد على أن الملك عبد الله يستشعر حاجة الساعة. وفي رأيي أن الوقت مناسب جدا لمرحلة التطوير الخليجي والتي هى بدون أدنى شك ستكون بمثابة نقلة تاريخية مهمة للانتقال من التعاون إلى الاتحاد. الأمر الذي سيحقق نتائج إيجابية في سياسات منطقة الخليج تمهد لدور أكثر فعالية في الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة. ونحن في أوروبا أعربنا عن استعدادنا لتقديم التجربة والعون لمجلس التعاون خاصة وأن الوحدة الأوروبية مرت بخطوات متعددة إلى أن حققت المشوار الأوروبي. وفي نفس الوقت يهمنا أن يشهد هذا العام إقرار اتفاقية التجارة الحرة بين دول الخليج والاتحاد الأوروبي . • تجتهد الدبلوماسية الأوروبية لترتيب انعقاد اجتماع لمجموعة (5+1 ) للتشاور حول ملف إيران النووي ، فإلي أين وصلت جهودكم لمعالجة هذا الملف الشائك؟ • موقفنا حيال مسألة الملف النووي الإيراني واضح جدا. ونحن نطالب إيران بسرعة التجاوب مع المقترحات الأوروبية لعقد اجتماع لمجموعة (5+1) الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا للتشاور، ومعرفة طبيعة البرنامج النووي الإيراني. وقد ردت مسؤولة العلاقات الخارجية والأمنية الأوروبية كاثرين أشتون مؤخرا على خطاب جليلي رئيس مفوضي البرنامج النووي الإيراني. حيث أكدت أن المجتمع الدولي يرحب بدعوة إيران للحوار. ونتوقع أن يعقد قريبا اجتماع (+5 1) الشهر المقبل. وأتمنى أن يكون اجتماعا من الممكن أن ينتج عنه حوار إيجابي ومستديم مع إيران. وهو الأمر الذي سيحقق بالتالي الأمن والاستقرار لمنطقة الخليج . وفي رأيي أن حل مشكلة الملف النووي الإيراني بات ضمن أولويات السياسية الأوروبية والعربية والدولية على حد سواء، و نحن يهمنا أن يتحقق مزيد من الأمن والاستقرار في هذه المنطقة الاستراتيجية المهمة. ومن المهم أن نعرف أن أي خيار عسكري لن يحقق الأهداف المطلوبة . • ما هي قراءتكم لعملية السلام في منطقة الشرق الأوسط؟ • نأسف للتصعيد الحاصل بين غزة وجنوب إسرائيل، وندعو للتهدئة وللعودة للمفاوضات. وقد اجتمعت الرباعية الدولية مؤخرا في نيويورك وسوف تجتمع في واشنطن الشهر المقبل، ما يعني أن التحرك الدولي بدأ فعلا لإنعاش عملية السلام. وفي نفس الوقت نرحب بالوساطة المصرية لإنهاء العمليات، ووقف الاغتيالات بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، وندعو للالتزام بذلك لأن هذه الأعمال تعرقل مشوار السلام الذي لا بد أن يشهد إيجابيات وتقدما في الأشهر المقبلة. ونحن نطالب بعملية سلام شاملة تكون مبنية على المقررات الشرعية ومبدأ الأرض مقابل السلام، أي العودة إلى حدود 1967 والقدس عاصمة للدولتين. كما نطالب بمراعاة أوضاع اللاجئين الفلسطينيين. ونؤكد على خيار الدولتين وعلى الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وفي نفس الوقت نطالب إسرائيل بوقف الاستيطان وبشكل عاجل وأكرر مقولتي إن سياسة الاستيطان عدوة للسلام، ولا تخدم تطلعات المنطقة لتحقيق السلام العادل والشامل والدائم.