طالب وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفله، إيران بالتعامل بمصداقية مع المجمتع الدولي لكشف طبيعة برنامجها النووي المثير للجدل، مؤكدا أنه لا مجال للمناورات من قبل طهران. وقال فسترفله في حوار مع «عكاظ» يهمنا أن نوقف أي احتمال لتسلح نووي إيراني. واعتبر الدعوة التي وجهها الملك عبد الله بن عبدالعزيز لجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من السلاح النووي، نداء يهدف لمزيد من التعايش السلمي، لافتا إلى أن المملكة شريك استراتيجي لألمانيا والاتحاد الأوروبي. وفيما يتعلق بالأزمة السورية قال إننا نرفض مناورات النظام لكسب الوقت وعليه الالتزام الجاد بتطبيق خطة مبعوث الأممالمتحدة والجامعة العربية كوفي عنان. وفيما يلي ما دار في الحوار: • يشكل البرنامج النووي الإيراني مصدر قلق للعديد من الدول فما هي مرئياتكم حيال هذا البرنامج في ضوء مشاركتكم في اجتماع مجموعة «5 + 1» الذي عقد في إسطنبول مؤخرا؟ • كان من المهم أن نؤكد للجانب الإيراني أنه لا مجال للمناورات. وأنه يهمنا أن تتعامل طهران مع المجتمع الدولي بمصداقية تامة من أجل الكشف عن طبيعة ملفها النووي المثير للجدل، ومن ثم تحقيق بناء الثقة. نحن لا نعارض الاستخدام السلمي للطاقة النووية وإنما عملية تخصيب اليورانيوم المرتفعة في إيران والتي وصلت نسبتها إلى 20 في المئة ما يتعارض مع مطالب وشروط الوكالة الدولية للطاقة النووية، ولا ينم عن استعداد طهران للتعاون مع المجتمع الدولي بالشكل الذي نراه صحيحا ومقبولا. ويجب الا نتجاهل تقرير الوكالة الدولية للطاقة النووية الصادر في فبراير الماضي والذي عبر عن قلق الوكالة حيال طبيعة الملف النووي الإيراني. ويهمنا أن نوقف أي احتمال لتسلح نووي إيراني من خلال حل سياسي ودبلوماسي. ونرى أن مالم نتوصل إليه في اجتماع إسطنبول ربما يتحقق في اللقاء المقرر انعقاده في بغداد الشهر المقبل. وفي رأيي أن في مصلحة الجميع تواصل المشاورات بين إيران ومجموعة ( 5+1 )، مع تأكيدنا على أهمية التوصل إلى حل سياسي للأزمة فضلا عن تحفظنا على أي تسلح محتمل بالأسلحة النووية في المنطقة. • تتردد في وسائل الإعلام معلومات عن احتمال ضربة استباقية قد توجهها إسرائيل للمفاعلات النووية الإيرانية، فما موقفكم حيال هذا الخيار؟ • نحذر بشدة من أي تصعيد عسكري. ونتحفظ على أي ضربة استباقية توجهها إسرائيل لإيران. و نرفض مفهوم التصعيد العسكري، ونسعى لحل سياسي دبلوماسي ولابد أن نعرف أن مبادىء السياسة الخارجية الألمانية ترتكز على الحوار وحل النزاعات دون استخدام القوة. ولا بد من توقف المقولات العسكرية ومشاركة مزيد من الدول في الضغط على إيران عبر تنفيذ العقوبات المفروضة عليها وهو الأمر الذي يساعدنا كثيرا في مهمتنا لتحقيق الحل السياسي. • تؤيدون شخصيا فكرة جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من السلاح النووي، فكيف تقرؤون دعوة المملكة في هذا الشأن؟ وما هو الدور الذي يمكن أن يقوم به المجتمع الدولي لتحقيق هذا الهدف؟ • نؤيد دعوة الملك عبد الله بن عبد العزيز لجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية، وأسلحة الدمار الشامل. ونرى أنها نداء يهدف إلى مزيد من التعايش السلمي، ويعمل على تحقيق دبلوماسية حوار مستديمة في المنطقة التي تشهد منذ اندلاع الربيع العربي تغيرات كبيرة. وفي رأيي أن التعاون مع المملكة في هذا الملف مطلوب. ولاحظت توافقا كبيرا في وجهات نظر البلدين من خلال عدة لقاءات مع الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية سواء كان ذلك في الرياض أو في برلين، لا سيما أن المملكة شريك استراتيجي مهم لألمانيا والاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يتطلب تطوير ودعم التعاون كذلك مع مجلس التعاون الخليجي في مشواره المستقبلي. كما أن مشاركة المملكة في قمة الأمن النووي والتي استضافتها عاصمة كوريا الجنوبية سيول الشهر الماضي دليل قاطع على مصداقية الدبلوماسية السعودية في تحقيق الأمن النووي في منطقة الشرق الأوسط والعالم أجمع. ومن هذا المنطلق نطالب إيران بالتعاون الجاد بشأن ملفها النووي والحد من التصعيد والأعمال التي تثير حفيظة دول مجلس التعاون الخليجي. • كيف تقيمون العلاقات السعودية الألمانية ؟ • العلاقات الألمانية السعودية جيدة جدا وتتسم بالمصداقية وعوامل بناء الثقة المستديمة والاحترام المتبادل. وقد أتاحت لي زيارتي الأخيرة للمملكة والتي استقبلني خلالها الملك عبد الله بن عبد العزيز، فرصة الحوار مع المسؤولين السعوديين حول ملفات متعددة تهم البلدين. وكان من الملفت اهتمام الملك عبد الله بتحقيق سياسة مبنية على الأمن والاستقرار والسلام المستديم، وهو أمر نتوافق فيه مع المملكة، ونأمل في مزيد من التعاون لتحقيق هذه الأهداف. • كان ملف الأزمة السورية من الملفات الملحة التي طرحت أمام اجتماع وزراء خارجية مجموعة الثماني الكبار في واشنطن، مؤخرا، فما هي توقعاتكم لمسار هذه الأزمة؟ • لقد ناقشنا في واشنطن ملفات عديدة تتعلق بالشرق الأوسط. وبالطبع كان ملف الأزمة السورية على قمة جدول الأعمال. والحقيقة أننا نشعر بقلق حيال عملية وقف إطلاق النار غير المستديمة. والمطلوب من النظام السوري الالتزام ببنود خطة مبعوث الأممالمتحدة والجامعة العربية كوفي عنان الستة. وأحب أن أوضح هنا أننا نرفض أية مناورات من قبل النظام السوري تهدف لكسب الوقت لتحقيق أغراضه. فهناك مبادرة دولية لا بد من الالتزام بها من جميع الأطراف وبالطبع من النظام السوري بوجه خاص حتى يمكن الانتقال إلى نقاط تتعلق بمرحلة التغيير وتحقيق مطالب الشعب السوري. وفي رأيي أن تصويت مجلس الأمن على إرسال بعثة دولية لمراقبة وقف إطلاق النار يعتبر خطوة إيجابية ومهمة بشرط أن تتمكن البعثة من أداء مهامها بالشكل الكامل وتمهيد الساحة السورية لخطوات تالية لتحقيق مشروع الحل السياسي. ونطالب النظام السوري بالتعاون الجاد وتسهيل مهمة المراقبين الدوليين وأن لا يضع العقبات في طريقهم وأن يقوم بتنفيذ البنود الستة لمبادرة عنان. وكذلك نطالب المعارضة السورية بتوحيد صفوفها حتى يمكن تحقيق بنود المبادرة الدولية. والحقيقة أنه لا ينبغي تجاهل جهود جامعة الدول العربية لأنه لولا هذه الجهود لما تمكن عنان من إطلاق مبادرته. ونحن نرى أن هناك مصداقية عربية ودولية لحل الأزمة السورية بالطرق السلمية. وعلى هذا الأساس وجه اجتماع إسطنبول الأخير لمجموعة أصدقاء سورية رسالة واضحة للنظام السوري انطوت على مفاهيم الديمقراطية والحرية للشعب السوري. • عقدت اللجنة الرباعية الدولية لقاء على هامش اجتماع مجموعة الثماني الكبار في واشنطن، فما الذي تم التوصل إليه في ذلك اللقاء؟ وهل من جديد في ملف السلام في الشرق الأوسط؟ • الرسالة التي وجهها لقاء اللجنة الرباعية الدولية لكل من إسرائيل والفلسطينيين كانت واضحة لأنها احتوت على مطالب صريحة تتعلق بوقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، ووقف القصف الصاروخي على إسرائيل. وطالبت المجتمع الدولي بتعزيز معونته المالية للسلطة الفلسطينية والبالغة 1.1مليار دولار أمريكي لهذا العام، فضلا عن تأكيد اللجنة على جميع البيانات الصادرة في السابق وهو ما يعني الالتزام الكامل بمبدأ الأرض مقابل السلام، وخيار الدولتين والذي لا بديل له والسعي لتحقيق أكبر قدر من بناء الثقة بين الجانبين. وأعتقد أن مشاركة وزير خارجية الأردن ناصر جودة في ذلك اللقاء كانت مهمة جدا لاستضافة الأردن للمشاورات الاستكشافية بين إسرائيل والفلسطينيين. وفي رأيي أن الأوضاع التي نشهدها في سورية وفي المنطقة العربية تحتم علينا إجراءات سريعة لاستئناف عملية السلام. • شهدت الأزمة بين السودان ودولة جنوب السودان تصعيدا كبيرا مؤخرا، فما هي الحلول التي ترونها لمعالجتها؟ • نحن ملتزمون بقرار مجلس الأمن الدولي الذي طالب فيه جميع الأطراف بالالتزام بالهدوء والابتعاد عن أي تصعيد عسكري. وعلى هذا الأساس نطالب بالعودة للحوار تحت سقف منظمة الوحدة الأفريقية بشكل عاجل ودون شروط مسبقة لوضع أسس للحدود بين الدولتين. وفي ظل تصاعد الأحداث في القارة الأفريقية أقر البرلمان الألماني مؤخرا خطة للسياسة الخارجية تتعلق بشكل العلاقات الألمانية مع أفريقيا ولا شك أن ما يحدث في السودان وجنوب السودان يدخل في إطار هذه الخطة. • تعرضت العاصمة الأفغانية كابول إلى أعمال إرهابية لم تنج منها السفارة الألمانية مؤخرا، فكيف ترون الأوضاع في أفغانستان في ظل سياسة دولية تجهز لعملية إعادة انتشار القوات الدولية وانسحابها من هذه الدولة؟ • نحن ندين بشدة أعمال العنف التي تعرضت لها مباني السفارات الأجنبية ومنها سفارة ألمانيا والحقيقة أنه لم يصب أي عامل أو دبلوماسي في السفارة، وجميع العاملين موجودون الآن في مكان آخر يباشرون منه أعمالهم .إلا أنه ما يجب ذكره أن الأوضاع في أفغانستان غير واضحة المعالم، وما زالت هناك اشتباكات عسكرية رغم أن الأوضاع ككل يمكن تصنيفها بأنها هادئة إلى حد ما، غير أن الأحداث الأخيرة تؤكد لنا أن الوضع ما زال صعبا. ومع ذلك فإن هذه الأعمال العنيفة والتفجيرات لن تحد من عزمنا على تأمين البلاد في مشوارها لمستقبل يتسم بمبدأ التصالح بين جميع الفصائل الأفغانية، ويحقق الخيار السياسي السلمي للبلاد. وأذكر هنا بالبيان الختامي لمؤتمر أفغانستان الذي استضفناه في بون في ديسمبر الماضي والذي وضع أسس الشراكة الدولية مع أفغانستان ومرحلة ما بعد 2014 بعد انسحاب قوات «إيساف» من البلاد. فضلا على أننا تناولنا ملف أفغانستان في اجتماع وزراء خارجية ودفاع حلف الأطلسي والذي عقد في بروكسل مؤخرا.