هناك من الناس من يعيش بيننا ويحيا معنا، يتنفسون ويتحركون، يأكلون ويشربون كغيرهم من البشر. فهم أحياء كسائر بني البشر ولكنهم في حقيقة الأمر أحياء بأجسادهم أموات بأرواحهم. فهم باعوا دينهم من أجل دنياهم، وفقدوا ضمائرهم وإنسانيتهم في سبيل ملذات وشهوات وأطماع فانية. فهؤلاء الناس هم أولئك الذين يسعون بين الناس غيبة ونميمة، يأكلون لحم هذا وينهشون لحم ذاك، يمتهنون الكذب ويشهدون الزور لأجل الكسب والمنفعة، وهم أولئك الذين يستغلون مناصبهم في تحقيق أهدافهم ومصالحهم الشخصية بطرق ملتوية غير مشروعة على حساب حقوق غيرهم من الناس، وهم الذين أعمى الجشع أبصارهم وطغى الطمع على قلوبهم فأخذوا يبيعون سلعا مغشوشة وأخرى فاسدة من أجل حفنة من مال يزيدون بها أرصدتهم البنكية دون الاكتراث بانخفاض أرصدتهم الأخلاقية. وهم أولئك الذين يعيثون في الأرض فسادا وخرابا، بترويع الآمنين ونشر الرذيلة والمخدرات بين الناس، غير عابئين بآثارها السيئة وأضرارها الاجتماعية والصحية على المجتمع وأفراده. وهم العاقون لوالديهم ولم يترفقوا بضعفهم وألقوا بهم في دور العجزة والمسنين للخلاص منهم والتفرغ لحياتهم الخاصة والاستمتاع بها، بعد أن عملوا وتعبوا كثيرا وسهروا لأجل راحتهم وحرصوا على حسن تربيتهم ورعايتهم، فقابلوا جميلهم وعرفانهم بالجحود والنكران.. فالحياة الحقة هي التي يحيا فيها الضمير، وتحيا فيها الأخلاق والفضيلة والقيم العليا، قبل أن تكون حياة الجسد. أما إذا ماتت أو انعدمت كل تلك المعاني، فان حياة الجسد لا قيمة ولا معنى لها، فهي أشبه بحياة الحيوان أو قد تكون أضل سبيلا. سمير عبد الله باعيشرة (جدة)