أكد وزير خارجية البرتغال باولو بورتاس اهتمام بلاده والاتحاد الأوروبي بإيحاد حل لأزمة سورية تحقق تطلعات الشعب السوري الذي واجه آلة القتل والتدمير. وشدد بورتاس في حوار مع «عكاظ» على ضرورة تحرك دولي للبدء في اتخاذ خطوات انتقالية، والتحضير لمرحلة ما بعد الرئيس بشار الأسد. موضحا أنهم يدعمون الجهود الرامية إلى حظر تصدير السلاح إلى سورية. وفيما يتعلق باعتزام السلطة الفلسطينية تقديم طلب للجمعية العامة للأمم المتحدة للحصول على اعتراف بفلسطين كدولة مراقب في المنظمة الأممية، قال «إننا ندعم حق الفلسطينيين المشروع في الحصول على دولة مستقلة ذات سيادة تعيش في أمن واستقرار إلى جانب إسرائيل».وفيما يلي نص الحوار: بداية لقيت الأزمة السورية اهتماما ملحوظا من دول الاتحاد الأوروبي، وفي اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. فإلى أين تتجه تداعيات الأزمة؟ نحن شاركنا في القرارات الأممية التي تندد بالعنف الحاصل في سورية إلى جانب دعمنا لقرارات مجلس حقوق الإنسان، وسعينا للتعاون في المجال الإنساني للتخفيف من محنة الشعب السوري. ونرى أنه لا بد من تحرك دولي بقرار يدعو للبدء في خطوات انتقالية للخروج من الأزمة. ونحن ملتزمون بالبنود المهمة التي تدعو إلى وقف القتال، والبدء في الحوار الوطني السوري. ونعتقد أن أي حل للأزمة السورية يتطلب وحدة صف المعارضة، ووقف القتل ضد الشعب . وقد التقيت أعضاء في المجلس الوطني وتحدثنا عن الوضع الحالي، وسبل حل الأزمة ودور البرتغال لحشد الدعم من شركائنا في البرازيل، ودول أمريكا اللاتينية غير أن ما نراه على الساحة يزعجنا كثيرا ويقلقنا لما يمكن أن يترتب عليه. في نفس الوقت نقدر الجهود الدولية والدور السعودي و العربي على السواء، ونحذر من تزايد أعداد اللاجئين السوريين التي وصلت حتى الآن إلى 230 ألف لاجئ. هل ترون أن التحرك الدولي الراهن سيقود إلى حل الأزمة السورية؟ نحن نرى أن هناك تحركا دوليا وعربيا مهما جدا للتحضير للمرحلة الانتقالية فضلا عن القرارات التي اتخذها المجتمع الدولي بشأن سورية في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأعتقد أن اللقاءات و تبادل وجهات النظر مع المجموعة العربية ركزت على ضرورة الانتقال السلمي في سورية. ومن جانبنا نحن ملتزمون بما تم الاتفاق حوله في الاجتماع الأخير لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في قبرص، وفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على النظام السوري، مع دعم الجهود الرامية إلى حظر تصدير السلاح إلى سورية. وبالطبع دعمنا الكامل لمهمة المبعوث الأممي العربي الأخضر الإبراهيمي التي ترتكز على البنود الستة لمبادرة سلفه كوفي عنان. وأظن أن مواصلة التحرك الدولي باتت تشكل أهمية كبيرة خاصة في أمور أوضاع اللاجئين السوريين، والتحضير لمرحلة ما بعد الأسد، والسعي لإطلاق حوار سياسي. أعلنت السلطة الفلسطينية تقديم طلب للجمعية العامة لضم فلسطين للأمم المتحدة كدولة مراقب، فما هو موقفكم حيال هذا الأمر الذي يرى الفلسطينيون أنه حيوي لدعم قضيتهم؟ لقد أكدنا مرارا موقفنا تجاه قضية الشرق الأوسط، ودعمنا الكامل لخيار الدولتين وحق الفلسطينيين المشروع في الحصول على دولة مستقلة ذات سيادة وقادرة على الحياة تعيش في أمن واستقرار إلى جانب دولة إسرائيل. ولكي نصل إلى هذا الأمر لا بد من البدء في المفاوضات المباشرة. ومن جانبنا تناولنا مع شركائنا في الاتحاد الأوروبي الجهود الجارية في هذا الصدد مع التأكيد على ضرورة وقف الاستيطان الإسرائيلي، وتجنب أي ممارسات من شأنها عرقلة عملية السلام. وسنتابع المقترحات الفلسطينية في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة. وستكون هناك لقاءات ثنائية ومتعددة خاصة مع اللجنة الرباعية الدولية. كيف تقيمون مسار المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني، ونتائج اللقاء الأخير بين وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي أشتون والمسؤول الإيراني عن ملف طهران النووي سعيد جليلي؟ نرجو التقدم في المفاوضات حول الملف النووي الإيراني، وتعاون طهران والتزامها بالشفافية لتبديد المخاوف من عزمها إنتاج سلاح نووي، والتأكيد على الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي. وحسب ما علمناه من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية فإن أشتون تنوي اطلاع مجموعة 5+1 ( الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي + ألمانيا ) بنتائج محادثاتها الأخيرة في إسطنبول مع جليلي، والترتيب للخطوات التالية. ويهمنا جدا موقف دول مجلس التعاون الخليجي بما فيها المملكة حيال الملف النووي الإيراني. لأننا على قناعة بأنه يشكل تحديا كبيرا لأمن المنطقة. كما يهمنا دعم التعاون الخليجي الأوروبي في الملفات الدولية. تستضيف الرياض القمة التنموية العربية في شهر يناير المقبل، فما تقييمكم لعلاقاتكم الاقتصادية والتنموية مع العالم العربي بصفة عامة، والمملكة بصفة خاصة؟ نحن نعمل على دعم العلاقات البرتغالية العربية خاصة العلاقات مع المملكة فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي. ونهتم بالجانب الاستثماري والاستثمارات السعودية في البرتغال حيث يسعدنا توافد رجال الأعمال السعوديين للتعرف على السوق البرتغالية، وعلى إمكانيات الاستثمار المتاحة خاصة في مجال السياحة. وإذ نتطلع للقاء المرتقب في الرياض، أود التأكيد على حرصنا الشديد على تطوير العلاقات الأوروبية الخليجية، والإشارة إلى استضافة البرلمان الأوروبي لوفد من مجلس التعاون الخليجي، ورؤوساء مجالس الشورى في دول الخليج مؤخرا باعتبار ذلك تحركا مهما لتطوير العلاقات الثنائية بين الجانبين، ودعم خطوات التوصل إلى الاتفاقات المرغوبة لاسيما اتفاقية التجارة الحرة، فضلا عن التعاون في ملف حوار اتباع الأديان، وتبادل وجهات النظر على الصعيدين السياسي والاقتصادي. التقيتم في الآونة الأخيرة مع عدد من وزراء خارجية الدول الناطقة بالبرتغالية، فما هي تفاصيل هذه اللقاءات؟ هذا جانب مهم في العلاقات البرتغالية الدولية. فهناك الجانب الأوروبي، ثم العربي والخليجي ومشاركتنا في مجموعة «الاتحاد من أجل المتوسط» ثم دعمنا للعلاقات مع دول جنوب أمريكا لاسيما الدول التي تعيش فيها جاليات برتغالية كبيرة. وقد زرت مؤخرا فنزويلا وهي دولة مهمة جدا للبرتغال؛ إذ يبلغ تعداد أفراد الجالية البرتغالية 400 ألف نسمة فضلا عن أن فنزويلا تعتبر الشريك التجاري الثاني لنا بين دول أمريكا اللاتينية. كما كانت هناك لقاءات برتغالية صينية عقدناها في لشبونة في يونيو «حزيران» الماضي مع نائب رئيس المؤتمر الاستشاري الصيني أدموند هوس للتشاور حول مستقبل العلاقات مع إدارة ماكاو، وتجديد العلاقات البرتغالية مع ماكاو. ومن جانب آخر أكدنا على عزمنا عقد قمة ثنائية في لشبونة مع جمهورية الرأس الأخضر لمواصلة المشاورات الثنائية والتي بدأناها في عام 2010 بأول قمة ثنائية بين البلدين. وفي نفس الوقت نعمل على دعم العلاقات البرتغالية مع أنغولا وهي علاقات مبنية على الاحترام المتبادل والشراكة الاستراتيجية. كيف قرأتم الخطاب السعودي في قمة التضامن الإسلامي الاستثنائية التي عقدت في مكة مؤخرا؟ تابعنا باهتمام كبير نتائج القمة الإسلامية الاستثنائية، وكلمة الملك عبدالله بن عبدالعزيز في افتتاحها. ولاحظنا الإصرار على تحقيق تقدم في ملفات معينة من أبرزها ملف الأزمة السورية. ولعلمنا بمبادراته السابقة لم نستغرب مبادرته الجديدة لتأسيس مركز لحوار المذاهب الإسلامية. ونحن في البرتغال تربطنا مع المملكة علاقات عميقة تنطوي على حرصنا الشديد على الحفاظ على العمق التاريخي والجغرافي الذي يربط بلادنا بالعالم العربي، علما بأن الموقع الجغرافي للبرتغال وارتباطاتها السياسية مع دول المغرب العربي، وحوض البحر الأبيض المتوسط يجعلنا نركز على العلاقات مع دول الشرق الأوسط، والسعي للتعايش السلمي وهو مفهوم نتعاون بشأنه مع شركائنا في الاتحاد الأوروبي ومجموعة «من أجل أوروبا أفضل».