أكدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون حرص أوروبا على استمرار قنوات التواصل المباشر مع المملكة وباقي دول مجلس التعاون الخليجي لإيجاد حلول لأزمات المنطقة. وقالت أشتون في حوار مع «عكاظ» أن الاتحاد الأوروبي يتابع باهتمام السعي للنقلة من التعاون إلى تحقيق الاتحاد الخليجي والتي نادى بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله الله بن عبد العزيز في قمة الرياض التي اختتمت أعمالها مؤخرا. وحذرت من أعمال العنف المتزايدة في مصر، مؤكدة أنها لا تتناسب مع مطالب الشعب المصري وإجراء أول انتخابات تشريعية حرة في البلاد. ورأت أن عدم استجابة النظام السوري لمطالب شعبه والمطالب الدولية غير مقبول عربيا أو دوليا.وفيما يلي نص الحوار: • ناقشت القمة الخليجية في الرياض مؤخرا ملفات مهمة طرحت التصور الخليجي لمستقبل المنطقة والعلاقات الدولية، فما هو تقييمكم للعلاقات بين أوروبا ودول مجلس التعاون؟ نحن حريصون على قنوات الاتصال المباشر مع دول مجلس التعاون خاصة المملكة انطلاقا من الاهتمامات المشتركة ولما نقدره لدول الخليج من دور فعال في تأمين الأمن والاستقرار في الخليج العربي والسعي لحل أزمات «الربيع العربي» بما فيها ملفا اليمن وسورية. ونتابع باهتمام تطلعات مجلس التعاون لضم المملكتين الأردنية والمغربية فضلا عن مساعي مشتركة لدعم التعاون الثنائي بين المجلس والاتحاد الأوروبي في ملفات عديدة تجارية واقتصادية وفي مجال مكافحة الإرهاب بما في ذلك توقيع اتفاقية للتجارة الحرة بين الجانبين في العام المقبل. ونشيد بالتطلع السعودي لسياسة حسن الجوار ونرى فيها توجها سياسيا حكيما يحرص على تأمين منطقة الخليج واستقرارها. ونحن في الاتحاد الأوروبي نتابع أيضا باهتمام السعي للنقلة من التعاون إلى تحقيق الاتحاد الخليجي والتي نادى بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في قمة الرياض ونعتبره خطوة هامة. • كيف ترون في الاتحاد الأوروبي الموقف الخليجي حيال البرنامج النووي الإيراني؟ عدم تعاون طهران مع المجتمع الدولي لاسيما بعد صدور تقرير الوكالة الدولية للطاقة النووية الذي يشير إلى احتمال تصنيع إيران سلاحا نوويا يجعلنا نصل إلى طريق مسدود معها في الوقت الذي يعمل فيه الاتحاد الأوروبي على إحياء حوار(5+1) وهي الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا وإيران، علما بأن طهران لم توضح طبيعة ملفها النووي الأمر الذي جعلنا نفرض عليها مزيدا من العقوبات ممثلة في فرض الحظر على التعاملات الأوروبية مع 433 شركة إيرانية ومنع 113 شخصية إيرانية متورطة في الملف النووي الإيراني من دخول دول الاتحاد الأوروبي فيما كان الحظر السابق يشمل 143 شركة و37 شخصية فقط. وفيما يخص حظر النفط فإننا ما زلنا نناقش فرض مزيد من العقوبات على إيران وسوف نتعامل مع ملف النفط في يناير المقبل. أما إذا تناولنا القرارات الخليجية فمن جانبنا نرى أنها قرارات تتجاوب مع مواقف دول مجلس التعاون الحريصة على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وعلى سياسة حسن الجوار وأمن الخليج. ونحن نركز دائما على العمق الأمني والاستراتيجي لمنطقة الخليج وتأثيره المباشر على أمن أوروبا. • ما تزال أزمة سورية تراوح مكانها، في نظركم ما هو الدور الأوروبي المطلوب للإسهام في معالجتها؟ في البداية أؤكد على دعم الاتحاد الأوروبي للجهود العربية خصوصا مساعي جامعة الدول العربية. وأرى أن التوقيع على بروتوكول إرسال المراقبين من قبل نائب وزير الخارجية السوري خطوة مهمة إذا تم تنفيذها بالشكل المطلوب والسماح للمراقبين العرب بدخول سورية. فالعنف المتزايد وعدم استجابة النظام السوري للمطالب الدولية ومطالب الشعب السوري أمر غير مقبول عربيا أو دوليا. وقد وجهنا أكثر من نداء إلى الحكومة السورية كما فرضنا مزيدا من العقوبات عليها في مجالات النفط والغاز والتعاملات مع البنوك السورية وتجميد أرصدة شخصيات سورية وحظر التعامل مع 30 شركة سورية من أجل تفعيل المطالب الشعبية والخوض في عملية تحول ديموقراطي. ونحن ندعم المعارضة السورية. وطالبنا في القمة الأوروبية الحكومة السورية بوقف العنف فورا والقمع والقتل ضد المدنيين. ونحن لا نرغب في أن يتسبب الملف السوري في مزيد من التصعيد في المنطقة. وندعوا الأطراف إلى التخلي عن العنف والقتل ونتطلع لوقف أي انتهاكات لحقوق الإنسان. ونرغب في تسهيل وصول المعونات الإنسانية للمدن السورية التي تعرضت للقصف. ولدينا قناعة بأن الوضع الإنساني سيء للغاية ويكفي ما كشفته المفوضية العليا لحقوق الإنسان أمام الأممالمتحدة أخيرا. • التقيتم مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس مؤخرا، فما تفاصيل مادار في اللقاء؟ لقد كان لقاء مهما جدا لأننا تناولنا خلاله عملية السلام كخطوة أساسية إلى جانب المصالحة الفلسطينية. وركزت في اللقاء على تشديد الاتحاد الأوروبي على خيار الدولتين الذي لا بديل له، وعلى دعمنا للدولة الفلسطينية المستقلة والديموقراطية التي تعيش جنبا إلى جنب إسرائيل، علما أننا نطالب الحكومة الإسرائيلية بوقف الاستيطان بما في ذلك ما يتم بناؤه من مستوطنات في القدسالشرقية انطلاقا من أن سياسة الاستيطان تعرقل عملية السلام وتعتبر عقبة حقيقية في وجه السلام ومخالفة لأسس القانون الدولي. ونحن ملتزمون بالدعم المالي للسلطة الفلسطينية ولا نرى بديلا لاستئناف المفاوضات والتي عن طريقها يمكن تحقيق المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني التي يمكن لها أن ترى النور بنهاية عام 2012 حسب تصورنا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية والأمنية. • أيدتم بيان السكرتير العام للأمم المتحدة بشأن الأحداث الأخيرة في مصر، كيف تقرأون الحالة المصرية؟ لقد أكدت في المجلس الأوروبي على أن أعمال العنف المتزايدة في مصر لا تتناسب مع مسار مطالب الشعب المصري وإجراء أول انتخابات تشريعية حرة في البلاد. كما طالبنا بعودة تفعيل القانون واحترام مبادئ حقوق الإنسان وحماية المتظاهرين السلميين الذين يرغبون في التعبير عن رأيهم في حرية كاملة. وتشكيل لجنة مستقلة تكون مهمتها التحقيق في الأحداث الأخيرة. ونحن نرى أن مصر اليوم في وضع صعب، لكن هناك إصرارا لتحقيق مطالب الثورة من أجل التوصل إلى التحول الديموقراطي وعلى هذا الأساس نطالب بمواصلة الانتخابات بطريقة شفافة وآمنة فضلا عن استعدادنا لتقديم الدعم المطلوب للمشوار الديموقراطي في مصر. وقد سبق وأكدت على ذلك لاسيما حين قمت بزيارة للقاهرة في وقت سابق هذا العام. • كانت روسيا في مقدمة الملفات الأوروبية بعد استضافة القمة الروسية الأوروبية في بروكسل مؤخرا، ما هي نتائج تلك القمة؟ قبل كل شيء نحن حريصون على العلاقات الثنائية مع روسيا التي تلعب دورا مهما في التعاون مع الجانب الأوروبي في قضايا عديدة لاسيما ما يخص الشرق الأوسط والملف النووي الإيراني، علما أن هناك اختلافا في وجهات النظر الأوروبية والروسية فيما يخص ملف سورية. كما تربطنا بروسيا شراكة أكيدة تنطوي على دعم الاتحاد الأوروبي لموسكو في توسيع المؤسسات الدستورية في البلاد والتنمية الاقتصادية ولذلك فنحن نرحب جدا بضم روسيا إلى منظمة التجارة العالمية ونعتبرها خطوة إيجابية لتطوير العلاقات الأوروبية الروسية من خلال اتفاقية شراكة جديدة من أجل التحديث والتطوير بين موسكو والاتحاد الأوروبي ومناقشة أوضاع جنوب القوقاز. أما ما يخص التظاهرات فنحن نطالب السلطات الروسية بضرورة تفعيل القانون وحماية حقوق المدنيين وتفعيل عمل المجتمع المدني والسعي للتعددية الحزبية. • وماذا عن القمة الأوروبية الأوكرانية، وأين روسيا من هذا الملف؟ لقد تناولت القمة العلاقات الأوكرانية الروسية من ناحية والعلاقات الأوروبية الأوكرانية من ناحية أخرى إلى جانب إقليم ترانسنيتريا والدول المجاورة والحرص على وحدة أراضي مولدافيا فضلا عن الأوضاع في روسياالبيضاء (بلاروسيا). والجانب الأوروبي الذي مثله رئيس المجلس الأوروبي هرمان فان رومبوي ورئيس المفوضية الأوروبية باروسوو المفوض الأوروبي لسياسة التوسيع ستيفان فوله في كييف حريص جدا على تطوير العلاقات مع أوكرانيا والتي نعتبرها شريكا استراتيجيا مهما لأوروبا لاسيما فيما يخص ملف الطاقة ومن جانبنا نعمل على ملف التسهيلات الأوروبية لتحرك الأوكرانيين إلى دول الأوروبي، غير أن هناك أمورا لم تتضح إلى الآن وهي ما يتعلق بوضع المعارضة في أوكرانيا ووجود يوليا تيموشنكو رئيسة الوزراء السابقة في السجن. ولذلك فنحن نرى أن هناك ملفات سياسية ما زالت مفتوحة الأمر الذي جعلنا نؤجل توقيع اتفاق يتعلق بخطوات مستقبلية لضم أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي إلى أن تتضح الرؤية. وعلى كل الأحوال فإن القمة الأوروبية الأوكرانية التي استضافتها كييف وضعت النقاط على الحروف في أمور عدة من شأنها تسهيل الخطوات المستقبلية.