أوضح وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل غارثيا مارغاللو في حوار مع «عكاظ» أن بلاده تدعم أية مبادرة تهدف إلى وقف نزيف الدم، والتوصل إلى حل سياسي شامل للوضع المتردي في سورية. مطالبا بمرحلة انتقالية تمهد لحوار وطني يجنب سورية مخاطر جسيمة ذات عواقب وخيمة على المنطقة. ورأى أن إيران لا تتعاون بالشكل المطلوب مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية قائلا: «إننا نطالبها بالتجاوب مع المجتمع الدولي للكشف عن طبيعة برنامجها النووي». وقال إن بلاده تربطها علاقة متينة وقوية مع المملكة. مؤكدا أن القمة الإسلامية الاستثنائية التي عقدت في مكة أثبتت أن الحوار بين دول العالم الإسلامي من الأولويات المهمة لتحقيق الأمن والاستقرار فيها. وفيما يلي نص الحوار: في ضوء حرص بلادكم على تكثيف الحوار مع العالم الإسلامي، كيف تقرؤون نتائج قمة التضامن الإسلامي الاستثنائية التي عقدت مؤخرا في مكة بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله؟ أثبتت القمة الإسلامية الاستثنائية أن الحوار بين دول العالم الإسلامي من الأولويات المهمة لتحقيق الأمن والاستقرار فيها وفي دول الجوار. ونحن في إسبانيا بناء على التاريخ الطويل الذي يربطنا بالعالم الإسلامي رحبنا بانعقادها بمبادرة من الملك عبدالله لتأسيس مركز دولي للحوار بين المذاهب الإسلامية. وهو في رأيي أمر مهم جدا يتزامن مع متطلبات الأوضاع الراهنة في العالم العربي. وقد ناقشنا في اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في قبرص مؤخرا نتائج هذه القمة، وسبل فتح المزيد من مجالات التعاون مع العالم الإسلامي. كيف تقيمون العلاقات الإسبانية السعودية؟ تربطنا بالمملكة علاقات جيدة جدا، ونسعى إلى تطويرها بشكل إيجابي وفعال من أجل دعم التعاون المشترك بين البلدين، لاسيما في قضايا الساعة مثل الأزمة السورية، والملف النووي الإيراني، وعملية السلام في الشرق الأوسط، والعلاقات مع مجلس التعاون الخليجي. وأخص بالذكر في هذا المجال ملف حوار الأديان ومشاركة إسبانيا مع المملكة في توقيع اتفاقية إنشاء مركز الملك عبد الله الدولي لحوار الأديان في فيينا في نوفمبر 2011، واستضافة مدريد لحوار أتباع الأديان والثقافات الذي نادى به الملك عبد الله بن عبدالعزيز. إضافة إلى ذلك هناك لجان تشاور مشتركة. وحينما نتحدث عن العلاقات الإسبانية السعودية فإننا نفتح ملفات عديدة تصب في مفهوم الثقة والاحترام المتبادل بين البلدين. قمتم مؤخرا بجولة مهمة في منطقة الشرق الأوسط شملت مصر. فما هي نتائج هذه الجولة؟ لا شك في أن زيارتي لمصر أهمية كبيرة، إذ جاءت في وقت مهم تشهد فيه الساحة السياسية في المنطقة تحركا على مستوى عال من أجل حل الأزمة السورية. وأتيحت لي الفرصة في القاهرة التعرف على نتائج زيارة المبعوث الأممي العربي الأخضر الإبراهيمي، ومشاوراته مع الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي. ومن حيث الحرص على وقف المجازر التي ترتكب ضد الشعب السوري الذي يواجه آلة القتل إذا ما هو موقف إسبانيا حيال الأزمة السورية؟ نحن نؤكد على دعم أية مبادرة من شأنها وقف نزيف الدم في سورية، والعمل على تنفيذ بنود لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وقراراتها التي تطالب بوقف إطلاق النار، وتسهيل وصول المعونات الإنسانية إلى الشعب السوري، ومراعاة أوضاع اللاجئين السوريين في الأردن وتركيا ولبنان والعراق. وبالطبع نحن نؤيد الموقف الأوروبي الهادف إلى فرض عقوبات على النظام السوري، ونطالب بمرحلة انتقالية تمهد لحوار وطني يجنب سورية مخاطر جسيمة؛ ذات عواقب وخيمة على سورية، ودول الجوار، والمنطقة بأسرها. ولذلك أكرر دعمنا لأية مبادرة تهدف إلى التوصل إلى حل سياسي شامل للوضع المتردي في سورية. والبيان الأوروبي الأخير تضمن المطالبة بمغادرة الأسد، ومرحلة انتقالية تحقق مفهوم الديمقراطية في البلاد. إلى جانب دعم المعارضة السورية، وتوحيد صفوفها للبدء في حوار بناء يخدم البلاد. فضلا عن دعمنا الكامل لمهمة المبعوث الأممي العربي الأخضر الإبراهيمي للتوصل إلى تسوية شاملة للأزمة السورية. وندعو المجتمع الدولي ممثلا في مجلس الأمن إلى مضاعفة جهوده، وتقديم الدعم اللازم للإبراهيمي في مهمته التي ينبغي أن تتوصل إلى مرحلة انتقالية سياسية مبنية على احترام مطالب الشعب السوري. ونؤكد أن وقف نزيف الدم السوري في الأولويات. بعيدا عن الأزمة السورية، ما الجديد في ملف البرنامج النووي الإيراني ؟ قبل كل شيء أؤكد على أن الملف النووي الإيراني مرتبط في مفهومنا بأمن واستقرار منطقة الخليج. وهو أمر ينبع من قناعتنا بالعمق الاستراتيجي لهذه المنطقة. وقد أثبت تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران لا تتعاون بالشكل المطلوب، ولذلك نطالبها بالعودة إلى مائدة الحوار، والتجاوب مع المجتمع الدولي للكشف عن طبيعة برنامجها النووي. إسبانيا معروفة بحرصها على تبني عملية السلام في الشرق الأوسط، فمن هذا المنطلق كيف ترون تطوراتها ومطالبة فلسطين بالاعتراف بها كدولة مراقب في الأممالمتحدة؟ نحن حريصون على توجهات السياسة الإسبانية والمتعلقة بعملية السلام بناء على المرجعيات الدولية، ومبدأ الأرض مقابل السلام من أجل تحقيق خيار الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة مستقلة. قادرة على الحياة جنبا إلى جنب إسرائيل، وأن تكون القدس عاصمة للدولتين. وهذا التوجه في حاجة إلى حالة إنعاش لعملية السلام، وللمفاوضات المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وبالطبع ستكون هناك فرصة جيدة جدا لطرح قضية الشرق الأوسط على هامش الدورة الحالية للجمعية العمومية للأمم المتحدة. وفي إطار الموقف الأوروبي نرى ضرورة العودة إلى المفاوضات، وحث إسرائيل على وقف الاستيطان الذي يعتبر عقبة حقيقية أمام السلام. يلاحظ الاهتمام الإسباني بالقارة الأفريقية، في ضوء ذلك الاهتمام كيف تقيمون الوضع في الصومال؟ بحكم موقعنا كدولة حريصة على علاقاتها مع دول المغرب العربي، وحوض البحر الأبيض المتوسط نرى أنه من الطبيعي أن نهتم بالعمق الاستراتيجي الذي يصل إلى أفريقيا. ولذلك نتابع ما يحدث في الصومال، ومالي، ومنطقة الساحل. وقد رحبنا جدا بنتائج انتخابات البرلمان الصومالي، واعتبرنا تلك الخطوة تمهيدا لتحقيق العملية السياسية في الصومال بناء على خارطة الطريق المعنية بالمرحلة المقبلة. ونحن مع شركائنا في الاتحاد الأوروبي مستعدون لدعم الصومال في هذه المرحلة من أجل تحقيق السلام والاستقرار في البلاد. الأمر الذي سيدعم الاستقرار في القرن الأفريقي ويحد من مشكلة القرصنة التي تهدد المنطقة. استضفتم مؤخرا في مدريد مجموعة الاتصال الأوروبية المعنية بمستقبل أوروبا.. فماذا تم في ذلك اللقاء؟ نحن نسعى مع شركائنا الأوروبيين ضمن مشروع تطوير المؤسسات الأوروبية والكيان الأوروبي بشكل عام. لاسيما في ضوء سياسة التوسيع التي نعمل من أجلها لضم دول في غرب البلقان. وقد تشاورنا حول الملفات المشتركة، وما يهم المشروع الأوروبي بشكل عام في ذلك الاجتماع الذي ضم وزراء خارجية إسبانيا، ألمانيا، فرنسا، بلجيكا، إيطاليا، لوكسمبورغ، هولندا، الدنمارك، النمسا، البرتغال وبولندا.