رحلت ولم ترحل معها المعاني، رحلت وكلنا شوق إليها، ويحزننا فراغ مكانها ورحيل عطائها المتفاني رحلت لتثبت أن بعد كل مسيرة سيرحل الإنسان ويبقى عمله وظله الإنساني، رحلت ليلى عوض بعد مسيرة كفاح طويلة مع التعلم والإعلام وإيمانها الكامل أن الحياة كفاح ولكل مجتهد نصيب مما عمل. 25 عاما قضتها مع أحبائها وزميلاتها كأسرة واحدة تحت مظلة واحدة مظلة عكاظ التي لطالما كانت تردد دائما «عكاظ» بيتي الثاني الذي ترعرعت في كنفه الثقافي، بدأت ليلى عوض في مسيرتها مع الإعلام باكرا بعد أن اجتازت مراحلها التعليمية في القاهرة بسبب إقامة والدها هناك، حيث كان دبلوماسيا في السفارة السعودية، ومن ثم عادت إلى بلدها الحبيب لتعشق الصحافة والعمل الإعلامي الذي سعت إلى دخوله من بابه الواسع فاختارت صحيفة عكاظ انطلاقة لها، وأمضت السنين في عملها إلى أن وصلت إلى رئيسة القسم النسائي المكلفة، ولم تكن تعلم بأن هذه الصحيفة التي كانت تسابق لكي توافيها بالحدث والخبر ستكتب على صفحاتها أنها رحلت وتركت خلفها الكثير من الحزن العميق بعد مسيرتها الإعلامية التي قضتها في حبها وشغفها للصحافة وتغللها الدائم في وسط القضايا الإنسانية والاجتماعية والصحية، فكانت دائما هذه القضايا حاضرة عندها وتوليها أولى اهتماماتها وها هي الآن ترحل عنا بعد أن داهمها المرض بغتة، وبعد أشهر قليلة وأيام معدودة وافتها المنية ليصدم الجميع بخبر الوفاة، فيقول كل من عاشرها وعاش معها ساعات العمل المرهقة إنها كانت أما حنونا على الجميع دون استثناء قبل أن تكون رئيسة عمل وقد عبرت زميلاتها بالإجماع أمل السريحي، أمنية الخضري، ذكرى السلمي، منى الشريف عن حزنهن الكبير لرحيلها، حيث كن يجدن فيها الملاذ الآمن لمواساة أوجاعهن وراحة قلوبهن ومواساتها لهن في السراء والضراء، فضلا عن تعايشها المحبب معهن خلال العمل وروحها المرحة المعطاء فلن ينسين قدومها للعمل وهي تئن من المرض لأجل أن تعمل جاهدة على تثبيتهن في وظائفهن. الشغف بالعمل الإعلامي وتقول زميلتها في القسم النسائي زين عنبر التي عاشت معها ما يقارب 14 عاما «رحم الله الزميلة القديرة ليلى عوض التي عاصرتها قبل التحاقي كمتفرغة في العمل، فكانت تشد من أزري كلما زرت القسم النسائي قبل التعيين قائلة يعجبني فيك الحماس الصحفي، وظلت هكذا إلى حتى توفاها الله»، مشيرة إلى أن الراحلة كانت شغوفة بالعمل الإعلامي حتى في أوقات المرض الذي أصابها مؤخرا، وأضافت أنها كانت تعتز كثيرا بالقسم النسائي وعطائه المتميز على مدى ثلاثين عاما رحمها الله رحمة واسعة. ومن جانبها، قالت زميلتها منذ الصغر ابتهاج منياوي «رحلت ابنة المدينة وابنة «عكاظ» البارة (إنا لله وإنا إليه راجعون) وعزائي أنها رحلت لوجه كريم رحيم حليم»، وأوضحت أن الراحلة لم ترغب أن تتقاعد وتخرج من «عكاظ» لتستمتع بالراحة بعيدا عن الركض الصحفي الشاق الذي بدأته من أيام دراستها قبل 30 سنة، معتبرة أن ليلي عوض من الصحفيات الرائدات اللواتي عملن في هذه المهنة وأعطينها من وقتهن وصحتهن إلى آخر رمق لهن في الحياة، وقالت «كانت تحدثني مازحة (حتى بعد التقاعد سآتي يوميا للمكتب لأحتسي الشاي) وكنت أضحك وقتها ولا أعلم أنه سيأتي اليوم الذي تتوقف ليلي فيه عن العمل لرحيلها إلى خالقها رحمها الله». نشيطة وصبورة وأعربت زميلتها وصديقتها خزيمة العطاس عن حزنها الشديد لفراقها، وقالت «لا أستطيع أن أنعاها بعدما تعاملت معها سنوات طويلة ومن قبل «عكاظ» عاصرتها بفرحها وحزنها، وقد كانت نشيطة وصبورة لا تكل ولا تمل مجتهدة أتقنت وأبدعت في عملها الإعلامي، ولا سيما أنها كانت محبة للجميع متفانية في دعم زميلاتها، وكانت طموحة في إكمال مشوارها الصحفي رغم كل شيء». وقالت زميلتها صباح صبرى، التي قضت معها 18 سنة في رحلة العطاء «خبر وفاة زميلتي الحميمة وأختي الغالية ليلى عوض فجعني، بل فجع الجميع وأوجع قلوبنا، فقد كانت رحمها الله قديرة في عملها حنونة في علاقاتها وأحببناها بكل أطوارها الطيبة وتعلقنا بها في الفترة الأخيرة»، مشيرة إلى أن الكتابات الصحفية القيمة التي تركتها الراحلة ستخلد شخصيتها في عالم الصحافة العربية والسعودية.