لا يقتصر نجاح البرامج الإعلامية على تميز الأفكار التي تبنى عليها، فلا حصر للبرامج الفضائية التي حظيت أفكارها بقدر كبير من التميز إلا أن ذلك وحده لم يشفع لها بتحقيق ما كان يفترض من جدوى تفي ولو بالحد الأدنى مما في تلك الأفكار من أهداف إيجابية ومثرية وكفيلة بمنح برامجها ما هو مأمول من قوة وأهمية وحضور وتفوق، شريطة توفر من وما يساعد على النهوض بتلك الأفكار وإجادة تنفيذها. ومن بين ما يشترط توفره إلى جانب كل فكرة برامجية مميزة : ما يتناسب مع الفكرة من تخطيط وإعداد وفق أسس علمية متخصصة، بما يكفل للفكرة قدرا من الاستمرارية في الطرح بالقوة نفسها، وجودة الأهداف وشموليتها، والمضامين من حيث الدقة والصياغة وقواعد اللغة. مذيع «مقدم» معزز إلى جانب المقومات الأساسية التي يجب توفرها في مقدمي البرامج المتمكنين، أقول يجب أن يكون إلى جانب ما ذكر معززا بإلمام تام ومسبق لكل ما يتعلق ب «تخصص» البرنامج، واطلاع دقيق ومسبق على خطة البرنامج، وأهدافه وآلية تنفيذه ومضامين كل حلقة من حلقات البرنامج، وخبرة تدفعه للحرص على استرجاع لما تم عرضه في الحلقة السابقة بغية تجويد الحلقة التي تليها من خلال تعزيز الإيجابيات وتلافي السلبيات، هذا الاسترجاع أو المراجعة والتقويم الذاتي تقع مسؤوليته أيضا على كل المعنيين في القناة الفضائية بشكل عام «أي قناة فضائية تتبنى تقديم هذه النوعية من البرامج المباشرة المتخصصة»، فتميز أي قناة فضائية على مستوى نظيراتها من القنوات، يتأتى من خلال تمكنها من تقديم النسبة الأكبر من البرامج الأميز، ولأن الوصول إلى هذا المستوى «باهظ الثمن»، ظلت المنافسة مختزلة في القلة المحدودة جدا من القنوات الفضائية المدعومة ببذل مادي سخي. ومن خلال توفر هذا المرتكز الأساس والأهم لدى العقليات النيرة والمتطلعة لتحقيق ما هو نوعي وهادف من البرامج المميزة والمتميزة، يتم استقطاب أكفأ الخبرات المتخصصة لكل عنصر من العناصر المذكورة أعلاه على مستوى كل برنامج بما في ذلك فريق العمل المتخصص في القياس والتقويم. ولأن الشيء بالشيء يذكر: يعتبر برنامج «حروف وألوف» الذي يقدم في شهر رمضان من كل عام على قناة «إم. بي. سي» على الرغم مما لا يمكن إنكاره واستغرابه من مساحة وكثافة المتابعين بغية ما تظفر به فئة محدودة منهم من جوائز يقابلها ما تدره وتستنزفه الاتصالات من كل المشاركين. أقول مع ذلك بإمكان البرنامج أن يحقق هدف العصف الذهني وإثراء معلومات المشاهد الحريص على هذا الجانب في مثل هذه النوعية من البرامج، إلا أن البرنامج يتخلله من الأخطاء اللغوية والمعلوماتية التي لا تبرر من مقدم البرنامج بأكثر من الدهشة واستغرابه من بعض هذه الأسئلة وإلقاء اللائمة على صاحب السؤال، فهل يعقل هذا؟!.. والله من وراء القصد. تأمل: كم من كتاب أفصح ما فيه ببياضه. فاكس 6923348