عمري ألف عام. أقطن مدينة لا تأكل الخبز. حيث لا موت ولا حياه.. حيث الموت أرض مشاع. تلك أغنية يرددها ظله كلما سافر ومشى حذو نفسه. يترك ظله ويمشي على الرصيف بخطى مهملة. ** غامض سفره في الأزقة. في الدروب. في الشوارع. في خرائب المدينة المهجورة. هنا ينتقل من شارع لآخر. هاجس أغنية منسية تحمله إلى برد لياليه. لا يمتلك مفاتيح أمسه ولا حاضره. أما غده فهو في مهب الغيم. هكذا تنصرف أيامه غائمة... غائمة... غائم... ة. يزحف المساء. يرمي على المدينة إيحاء سرياليا. همهمات تشبه همس الأشباح. وشوشات الزمن توحي بالخيبات الصامتة. لا يملك سوى جسده شظايا أحلامه يرتدي قميصا لا لون له. جينزا مهترئا. يتأبط ماسحة الأحذية. يتجه نحو ضواحي المدينة سالكا دروبها. منعرجاتها الوسخة. يطارده رعب يسكن مغاور نفسه المهجورة. يقترب من بناية خربة يأوي إليها كل جرذ قذفت به الحياة إلى غياهب التسكع والنسيان. يتأمل الأجساد الصغيرة المنبطحة أرضا يبحث عن ركن ينزوي فيه. أجساد هجع الغبار فوقها. غطاها الإهمال. في لحظة صمت. يظهر رجل. ينبر بفظاظة: تسرع الأجساد الصغيرة للوقوف هلعا على أثر الصراخ. ترتبك فرائصهم. في أخاديد وجوههم العاتمة تنام حكايا خفية ومقهورة. وشوش الرجل إلى أصدقائه. يومئ برأسه. ينسحب. نعيب البوم يصدح عاليا في المكان. اهترأت الأجساد. يأخذ كل واحد طفلا. يدوسه بوحشية. في فراغ الخرابة رف وجع حزين بأجنحته اللامرئية يرثي صفاقة الحياة. السؤال يغمر عالمه بالكآبة. يشعر في الوقت نفسه بالتمرد. كيف يستطيع فتح ثغرة في هذا الحصار المخيم على النفس والجسد؟ الشارع خواء. داخله خواء. ذاكرته خواء. خ.... و.... ا....ء ظله يرافقه صامتا حينا. هامسا حينا آخر. ذرات الغبار تعلو سماءه. الضجة حوله تتخافت. كلب هزيل البنية. ضامر البطن. احمرار يعلو عينيه. يمر بمحاذاة الصبي. نباح وغوات يسبقه. بحركة نصف دائرية من يده اليمنى يجر الكلب إلى جانبه فيخلد للخرس. أخرس تسكن عينيه لا مبالاة عنيفة. متوحشة. لئيمة كلا مبالاة الموتى. وفاء مليح