صفقت جاء "القهوجي" بشيشة عدنية ويليها الصنعاني. هكذا وصف شاعرنا المرحوم حسن صيرفي لحظة دخوله إلى ذلك المقهى الذي له مكانة خاصة لدى الأدباء، وهذا شاعرنا الكبير الأستاذ سليمان العيسى يأخذنا في نغمه الساحر إلى نرجيلة صديقه ميخاييل لكنه لا ينفك أن يسوح بنا في حدائق شعره وتهويمات نفسه واغراقه في تمايسه الراقي نحو لذة الحرف وطعمه، إنه شاعر لا تعصاه الكلمة بل تنساق إليه ويشكل منها ما يريد من مشاعر وأحاسيس إنه شاعر يذوب عاطفة ورقة. الشمس تسحب عن جفني ذوائبها=والليل أغنية "المشتى" ورياها ويعبق الدرب أقداما موشوشة=حلو على "الصخرة الزرقاء" مرساها الدرب.. أعرفه شعرا، ويعرفني=ما تهت عن عطره يوما ولا تاها وتومىء "الشرفة الخضراء"هامسة=عرفت ما خبأت لي في زواياها ما أشعر الليل من حولي وأروعه!=قصيدة الله، فانهل من عطاياها ستون.. تمتد كالأشباح صامتة=ترنو إلي.. تناديني خباياها سبعون.. تتعبني لو شئتها عدداً=هذي التلال.. وراء الظن مرماها *** رف المساء.. فغبنا في عباءته=ومدت الضيعة الخضراء نعماها ورن في أذني صوت كما انكفأت=على الجنادل عين ضاع مجراها تندى الرجولة في أعطاف نبرته=ويورق الليل زهواً في حناياها نرجيلتي.. سبحات السحر.. نمنمها=منذ الغروب - كما أهوى - وسواها رقيقة كندى" المشتى".. كتربتها=عريقة كسجاياه سجاياها لبيك.. لبيك بو مخاييل.. أرهقني=مر السرى، وشكا روحي جناحاها أحب هذا التراب العذب يحضنني=جمراً، وشعراً، وأزجالاً نسيناها أحب شرفتك البيضاء حانية=تكاد تخطفني شوقاً ذراعاها هنا جذوري.. ولو أنكرتها يبست=في ريشتي نغمة ما كنت لولاها لبيك.. هيىء لي النعماء في نفس=تنسى به الزفرة الخرساء بلواها أحبها "جارتي السمراء"،تحملني=على غدائر من وهم أردناها دعها تقرقر.. لو أطفأت جمرتها=أوقدتها ضجراً.. أشعلتها آها سأنسج الليل أحلاماً منضرة=وأغرق الرهق الصادي بنجواها دعها تمج الضباب العذب ملء دمي=ما كان أصفاك لي جاراً وأصفاها *** قصيدة الله.. هذا الليل.. أقرؤها=وحدي، وتمنحني وحدي خفاياها نرجيلتي أوشكت تخبو، وتوقظني=شرارة.. يتحدى الموت جنباها وصلت بالنسمة الشقراء أجنحتي=فيا تلال.. أضيعيني وإياها