أكتب لك أيها العيد رسالة أبدؤها بسؤال أقول فيه: هل عرفت الفرح يوما أيها العيد؟ أم أنك تمنحه فقط لهذا العالم عن طيب خاطر؟. أعلم أنك ستجيبني بأنك تجد سعادتك في البهجة التي تضيء بها قلب كل فرح بقدومك، لكني اليوم أعتذر! لأني لن أبتهج كما يجب! فعذرا أيها العيد. قد أرسم بسمة على ثغري وأبارك لكل من حولي، فهذا واجب علي.. لكن قلبي سيظل حزينا.. والأسباب كثيرة! فسأحزن على صديقتي الممرضة التي تغربت تاركة وطنها كي تعول أسرتها وتساعد في تحمل تكاليف علاج والدها المريض. فقد اعتادت السفر في هذا الوقت من كل عام لقريتها في حمص لتحتفل بك أيها العيد برفقة الوالد والجد والجدة، في منزلهم المطل على حديقة الزيتون. تلك الحديقة التي زرعها الأجداد منذ سنوات طويلة، وتناوب الأبناء على رعايتها حتى غلظت جذوع أشجارها ذات الخمسة عشر مترا. اليوم، لم يبق من المنزل سوى رفات ودوي صرخة وقصص تحكى! فقد قصفت الجدران واغتصب الأمان وانتزعت الأماني التي كانت تختبئ في أرواحهم جميعا. حتى شجرة الزيتون، لم تستطع الصمود أمام وحشية القنابل وقاذفيها، فأعلنت رحيلها بألم. سأحزن كذلك أيها العيد على كل من عذب وقتل في بورما، وكل من ولد ومات دون أن يهنأ بدفء وطن حر، وكل من تناحر بسبب سلطة أو طائفة أو مال أو دين، وكل غر خدعه بريق الشهرة حتى أخطأ وتعدى على الله ورسوله، وكل من تاه وألحد، وكل من خان الأمانة وسرق وأفسد، وكل من حقد فجرح وحسد، وكل من صادق الفقر والحرمان والألم.. لأنه لم يجد خيارا آخر! أعلم أيها العيد أن الذنب ليس ذنبك.. ولا ذنبي، لكن مستوى الألم في قلبي طغى مؤخرا على كل أسباب الفرح، لكني أحاول.. صدقني! أحاول أن أكسر شوكة الحزن بالتفاؤل الدائم والدعاء، وأعلم أني سأنجح! فأنا موقنة أن ما بعد الغمام ضياء شمس لا تنطفئ. أخيرا أقول: قرائي الأعزاء، تفاءلوا مهما قسى الزمن.. كل عام وأنتم بخير. [email protected]