كثيرا ما نتساءل بيننا وبين أنفسنا عن تحولات الرأي والتفكير في زمننا الحاضر ونلقي باللوم على هذا الزمن دائما، مكرسين كل همنا وتفكيرنا في انطوائية وانعزالية على ذواتنا.. لا نتكاشف فيها معها لنرى عيوبنا أولاً ثم نلوم الزمن والآخرين.. فنحن إذاً في فتنة عمياء .. إن التعريف اللغوي للفتنة هو تعذيب الإنسان ليتحول عن دينه او رأيه، وهو المعنى الوارد في قوله تعالى: (إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق) البروج. كما أن هناك معنى ثانيا للفتنة هو رمي الإنسان في شدة لاختباره وليس لابتلائه لأن الابتلاء من الله وهو تطهير ليس إلا.. والمعنى الثاني للفتنة ورد في قوله سبحانه وتعالى (أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين) أما المعنى الثالث هو الإعجاب والاستهواء إذا ما فتن الإنسان بشيء كالمال – مثلا – أو فتن المال فلاناً، فالأمر سيان.. والتوله إذا فتنت المرأة الرجل، قال تعالى: (واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك)... والمعنى الرابع هو الابتلاء: كما في قوله عز وجل: (ونبلوكم بالشر والخير فتنة) .. أما المعنى الخامس فهو الاضطراب وبلبلة الأفكار، وهو المقصود بقوله سبحانه: (فيتبعون ما تشابه من ابتغاء الفتنة) آل عمران وهناك معنى لغوي سادس هو العذاب ورد في قوله تعالى: (ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون) .. ويأتي المعنى السابع بأنه الضلال، أما فتنة الصدر فهي الوسواس. ومن هو الفتان؟ إنه الشيطان – اللص الذي يعرض على الناس في طريقهم للرفقة.. وقد ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «المسلم أخو المسلم يسعهما الماء والشجر، ويتعاونان على الفتان». والمفتون هو المجنون، مصدر جاء على وزن مفعول، قال تعالى: (بأيكم المفتون).. ولمواجهة وسائل التخويف والخوف من الفتنة وضع القرآن الكريم قواعد وأصولا لذلك مع وجوب الحذر. فمن اساليبه جواز قصر الصلاة في حالة الخوف من الفتنة التي قد يتعرض لها المسلم في سفره سواء كان قتالا او غير ذلك مما يكره.. قال تعالى: (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا..).