لم تنص المبادرة الخليجية ولا آليتها التنفيذية على تقاسم المواقع في جهاز الدولة المدني والعسكري والأمني، ولا تقاسم الموارد المنتجة للثروة. إلا أن القوى المؤثرة على القرار يبدو أنها تدير صراعا في هذه المسألة دون أن ترسم خطوطه بوضوح، فالمؤتمر الشعبي العام الحزب الذي انفرد سابقا بالحكم كحزب كان مهيمنا لن يتحمل التقاسم الجديد إذا أوغل في إضعافه. وهذا التقاسم لا يتم بصورة عادلة بين مختلف القوى، فالإخوان المسلمين وجناحهما الأمني والقبلي هم الرابحون، ويبدو أنهم بدأوا يعيدون ترتيب مواقعهم بقوة ، وقد أثار هذا التقاسم للموارد كثيرا من الجدل بين الأحزاب والقوى الأخرى التي يتم تجاهلها وهذا قد يثير انقسامات بين التحالفات وصراعا عنيفا إن لم يتم التحكم به عبر إرادة رئاسة الجمهورية. المشكلة التي يعاني منها اليمن أن أغلب القوى تسيطر عليها نخب تتعامل مع الدولة بوعي القبيلة؛ لذا فهمها مركز بشكل أساسي على غنائمها لا على المستقبل، وهذا يؤسس لصراع عبثي سيديره مفترسون فالخسارة التي قد تلحق بأي طرف لديه القوة الكافية لفرض وجوده فلن يتوانى عن تفجير صراع لتحصيل الغنائم. ويلعب الضابط الخارجي وتركيبة القوى الحالية دورا محوريا في طبيعة إدارة الصراع، وتدرك القوى المتنازعة مخاطر أي انفجار للصراع. فالخسائر المتبادلة قد يقودها إلى الفناء لتكسب أطراف أخرى منافسة. لذا فإنها تحاول أن تكون واقعية وأكثر مرونة، وتدير معركتها عبر صراعات تكتيكية بهدف الكسب. وقد تتحول إلى صراعات استراتيجية إذا انبثقت فاعلية قوية من خارج التركيبة المهيمنة رغم أنه يبدو صعبا في الراهن نظرا لتحكم مراكز القوى بالحراك الشعبي. وللخروج من المعضلة لابد من التركيز على بناء الدولة المقبلة التي لن تولد بطريقة صحيحة ما لم يتم التفاوض، وعقد صفقات تحفظ الأمن والسلام، ويتم تقديم تنازلات من أطراف النزاع لصالح المستقبل.الوضع في اليمن بحاجة إلى دستور جديد، وصياغة آليات ديمقراطية واضحة تمكن الإرادة الشعبية من تحديد خياراتها بحيث تصبح لعبة الصراع على المصالح محكومة باتفاقيات محايدة، وبدون ذلك فلا مخرج!!