لن ينجو بشار الأسد، ومخطئ من يعتقد أن النظام الحاكم في سورية سينتصر على الشعب، فطبيعة الصراع وتطوراته والتحولات في المنطقة والعالم تعمل ضد استمرار النظام. حتى روسيا وظيفتها أن تؤجل الانهيار ليس إلا، ويبدو أن الروس يقودون النظام إلى حتفه النهائي، وواشنطن تنسج أكفانه عن بعد وتعد نفسها للحظة الحاسمة. من يتابع سيجد أن الأمر يتطور كل يوم باتجاه توازن الرعب بين النظام وثوار سورية، هذا التوازن لا يخدم النظام، بل يزيده خوفا ورعبا، الأمر سيخرج عن السيطرة وستدخل سورية حربا أهلية أبشع وأعنف، هذه الحرب مآلاتها أنها ستؤدي إلى تآكل بقايا شرعية النظام داخليا وخارجيا، ولن تتمكن روسيا والصين ولا إيران من وقف الانهيارات المتلاحقة فيما بعد، وقد تضطر روسيا للوقوف مع المنظومة الدولية. ولا نستبعد أن تندفع الدول الثلاث لعقد صفقات لحماية مصالحها. وهنا سيقع النظام السوري والشعب السوري بين أنياب الوحوش المفترسة والناعمة، فالصفقات الجشعة في لعبة التوازنات الإقليمية والدولية ستمر عبر الغنيمة بسكاكين حادة ومؤلمة قد تصيب المنطقة لكنها ستنتهي في المآل النهائي بسقوط النظام طال الزمن أم قصر. المتعاطفون مع النظام السوري يعتقدون أنه سينتصر بفعل القوة والإسناد التي يملكهما. لنفرض جدلا أنه سينتصر إلا أن تحصيل النصر لن يكون إلا بنتائج ستحرك الضمير الإنساني لمقاتلة الأسد ونظامه الإجرامي. وهذا التحرك سيجعل الأسد ونظامه عبرة لمن يعتبر. الأنظمة الشمولية لا يمكن تفكيكها بسهولة. ما يجري في سورية هو خلخلة بنية النظام المعقدة، وإيصاله إلى لحظة القوة العارية بأبشع صورها عندئذ سيفقد بقايا شريعته. نلفت الانتباه هنا أن الصراعات المصيرية عادة لا تنجح الصفقات بين القوى المتنازعة إلا بتنازلات متبادلة مؤلمة، قد تتمكن القوى الخارجية من التوافق على المصالح في سورية إلا أن الصراع الداخلي أعمق وأكثر تعقيدا ويدار بلعبة صفرية فكل طرف يعتقد أن خسارته هي مكسب للآخر، لذا فإن الصراع يؤسس للإقصاء الكلي والنفي ولأن طبيعة الصراع تدار بهذه الطريقة فالخسائر ستكون كبيرة إلا أن المحصلة النهائية سقوط نظام الأسد. السؤال الأهم: ما هي الخيارات الأكثر جدوى في الوضع السوري للخروج من معضلة الصراع الكارثي؟