يرتبط الرياضيون في مكةالمكرمة بملعب ساحة اسلام على نحو خاص باعتباره شاهدا حيا على حقبة زمنية كانت فيها رياضتهم الأعلى كعبا والاكثر حضورا بين المناطق، إذ توارثه الوحداويون جيلا بعد جيل انطلاقا من أهميته بالنسبة لهم كونه عاصر تأسيس الحركة الرياضية السعودية، وساهم في ميلاد نجومية اللاعبين العمالقة الذين رفدت بهم المنتخبات الوطنية وفرق نادي الوحدة، وتحتفظ ذاكرة التاريخ بما قدموه طيلة مشوارهم الرياضي، بينهم حسن دوش ودخيل عواد ومحمود زرد وطاهر الاوزه وكريم المسفر وعابد شيخ ومحمد الفائز ومحمد لنفو ولطفي لبان وسعيد لبان وآخرون، وحرصوا على أن تبقى ساحته نابضة بالمواهب وغضة بالحياة رغم تقادم السنوات وتشييد أعرق صرح تعليمي في مكة «مجمع مدارس الفلاح» على أنقاضه، إذ تحولت هذه الساحة مرتعا للمتعة وبؤرة لميلاد النجوم يقصدها الكشافون والهواة بين فينة وأخرى. «عكاظ» قصدت الساحة ووقفت عبر جولتها الميدانية على تاريخه العتيق رفقة أحد لاعبي الوحدة القدامى عابد شيح ورصدت عن قرب الواقع الحالي الذي آلت إليه. يروي عابد السيرة التاريخية للساحة قائلا يعرف الوحداويون وأبناء مكة هذه الساحة جيدا وسمي الملعب بهذا الاسم كناية عن مالك الارض الشاسعة الشيخ ابراهيم اسلام، والذي تبرع في ذلك الوقت بتأسيس ملعب الوحدة على هذه الساحة دون عائد مادي على أمل أن تشتري الرئاسة العامة لرعاية الشباب الارض وهو ما لم يحدث، غير أن أحد الاشخاص قام بالشراء وأسس عليها مدارس الفلاح وبقيت الساحة كماهي، وأضاف كنا نأتي الى التمارين سيرا على الاقدام من مختلف احياء مكة واصبح الملعب مكانا مشهورا عند أهل مكة، سيما المتابعين منهم للمباريات التي كنا نخوضها في اجواء حارة، وأتذكر في احد الايام أنني حضرت الواحدة ظهرا ومكثت في الساحة حتى بعد صلاة العصر كي اكون اول الحاضرين، لاننا كنا نلعب بعشق واخلاص ونحرص على تأدية التمارين اولا بأول ولم تكن هناك مغريات ماديةكما هو الحال الان، واتذكر أننا كنا ندخل للمعلب من هذه البوابة أشار إلى إحدى جهات الساحة التي تمثل الان المدخل الرئيسي للمجمع التعليمي، وكان هناك عدة غرف تستخدم لتغيير الملابس واقامة المعسكرات قبل المباراة، ويضيف شيخ بأن المنازل كانت تحيط بالملعب في ذلك الوقت تحولت اليوم الى معالم تجارية تمثل جزءا من ملعب ساحة اسلام. حاضر وماضي شمالا كانت الوجهة حيث اصطحبنا العم عابد إلى المجمع التعليمي المجاور للساحة والمقام على الملعب، وقصدنا أحد السكان القدامى للحي ويدعى عبدالله اللقماني وروى لنا ما يعرفه عن الملعب فقال أتذكر أنني كنت واحدا من ابرز المشجعين قبل سنوات سيما في المباريات التي تقام على ساحة اسلام وحضرت في ذلك الوقت مواجهات الاتحاد والاهلي والنصر، واتذكر عبدالله غراب وحسن دوش وسليمان بصيري ولطفي لبان وسعيد لبان وغيرهم، ومضى يقول كان التشجيع حضاريا فأنا أجلس بين جماهير الوحدة ولا تجد من يسخر مني أو يشتبك معي كما يحدث في بعض المباريات حاليا، وفي ذلك الوقت كنا نأتي بعض المباريات بعد الظهر مباشرة ونستمتع بالأداء الكروي بدون منغصات، وتبقى اجمل ذكرياتي هنا في هذا المكان الذي نتحدث فيه الان . وليس ببعيد عن ذلك آثرنا أن نتجه صوب مجموعة من الشباب ليروون لنا ماذا يعرفون عن ساحة اسلام وما تعنيه لهم حاليا، يجيب فواز محمد بانه من سكان الحي وليس لديه معلومة لا من قريب او بعيد عن ملعب ساحة اسلام او ان الحي الذي يسكنه اليوم كان يقصده نجوم الرياضة، وقال منذ معرفتي بساحة اسلام وجدتها كما تراها الان مجمعات تعليمية وتجارية، وشاركه في الرأي بدر ابراهيم الذي قال إن ثمة قصورا في التعريف بمثل هذه الامكنة وبأنه لا يملك معلومة عن الملعب ولكن ليس لديه معرفة بأنه كان مجمعا لكبار رياضيي مكةالمكرمة. تاريخ ونجوم ومع نجوم الجيل الذهبي الذي خاض نزالات حاسمة على ميدان ملعب ساحة إسلام كان لنا هذه الوقفة مع أحد الذين أبدعوا كرويا على أرضه، هو اللاعب الوحداوي كريم المسفر الذي قال: تعيدني صحيفتكم إلى عهد الزمن الجميل قدمت أفضل مواجهاتي من خلاله حيث شهد البداية الفعلية للرياضية السعودية، وكانت الساحة شاهدا على العصر الذهبي لفريق الوحدة بجيل العمالقة الذين كانوا يمثلونه حينها، واتذكر في احدى مواجهاتنا ضد فريق الهلال البحري كان حارسه عنيفا واشتركت معه في لعبة هوائية فوجه لي لكمة على وجهي أصابتني بحالة اغماء وأسعفوني لمستشفى اجياد العام بمكةالمكرمة وفقدت الذاكرة حتى اليوم التالي، وذهبت الى الطائف من اجل ان تطمئن الوالدة لان المباراة كانت منقولة على الراديو. أما اللاعب القدير سليمان بصيري يروي ذكرياته مع ملعب ساحة إسلام قائلا: كانت سمعته الكروية جاذبة لكل النجوم والجماهير، وبلغت شهرته مع الفورة الفنية لنادي الوحدة وكنت ألعب في تلك الحقبة لفريق المريخ، وطلبوني للعب معهم ورفضت ما لم تنتقل المجموعة التي كانت تلعب معي في فريقي السابق ومنهم حسن دوش وخليل مفتي وعبدالرحيم، وبالفعل تم ذلك وسجلنا مع الوحدة سويا وكنت اذهب من منزل والدي في اجياد الى ساحة اسلام بالدراجة التي كانت تمثل الوسيلة الوحيدة للاعبين. ويقول قائد الفريق دخيل عواد: أتذكر اول مرة حملت فيها إشارة الكابتنية في أول مشاركة لي خلال مباراة ودية على هذا الملعب أمام أحد و كنت يافعا حينها واعترض البعض لصغر سني، وقدمت حينها اداء لافتا ومميزا رفع من معنوياتي ومنحني الثقة أمام كافة الجماهير التي كانت تحضر بكثافة.