عرضت حلقتان من مسلسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأظهرت الحلقتان ضخامة الإنتاج وانتقاء العناصر الفنية لإنجاح هذا المسلسل. وقبل عرض المسلسل ثارت مجموعة من الاعتراضات لم يسبق أن واجهها مسلسل تاريخي، وتلاحقت الدعوات لمنع العرض بحجج متعددة لإيقاف العرض. ولم تكن المعارضة تمتلك حججا في دعوتها لإبطال العرض، سوى أن الممثلين ليسوا على نقاء وصفاء الصحابة، وهذه حجة غير منطقية كوننا جميعا لسنا بنقاء الصحابة رضوان الله عليهم، والمشاهد يعرف أن هذا الممثل يؤدي دورا سوف يخرج خارج الدور حالما ينتهي منه، وأهمية وجوده داخل المسلسل قائم على مقدرته الفنية في تجسيد دوره وتلبسه، بحيث يقنع المشاهد بالأداء، كما أن المشاهد ليس غرا أو ساذجا حتى يقرن أفعال الممثل خارج الدور ويلحقه بالصحابي الجليل الذي أدى دوره. ويغيب على بعض هؤلاء المعارضين أن لكل زمان أداة تعبيرية، فكما كنا في زمن الكتابة التي نقلت إلينا كل السير والأحاديث والتاريخ والأدب غدونا الآن في زمن الصورة، وهي الأداة الناقلة لكل ما تموج به الحياة من أحداث وتاريخ ووجود، فكما نقلت لنا الكتابة أوصاف من سبقونا ولم نتعرف على هيئتهم إلا من خلال الوصف الكتابي، جاءت الصورة الآن لتنقل لنا الواقع كما جسدته الكتابة، فهل يستطيع المحتجون على الصورة إبطال الكتابة؟ وأعتقد أن جزءا ممن رفض تجسيد شخصية عمر رضي الله عنه نابع من مواقف فكرية وشخصية ليس من المسلسل نفسه بل ممن قرأ وراجع وأجاز العرض، وهم شخصيات محسوبة على التيارات الدينية المختلفة يقف البعض منهم موقف المختلف والمعارض لأفكارهم ونهجهم وبالتالي انتقل هذا الموقف المعارض لهؤلاء الشيوخ المجيزين للمسلسل إلى موقف معارض من المسلسل نفسه، وفي هذا خلط كبير. وإن لم يكن هذا من جملة الأسباب فأين هؤلاء المعارضون من ظهور عشرات الصحابة على الشاشة السينمائية أو على التلفاز من عشرات السنوات، فقد تم تجسيد بعض العشرة المبشرين بالجنة كسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيدالله وعبدالرحمن بن عوف وكذلك تم تجسيد العشرات من الصحابة كبلال بن رباح وخالد بن الوليد وخولة بنت الأزور وسمية وزوجها وابنها عمار بن ياسر وحمزة بن عبدالمطلب والحسن والحسين وصهيب الرومي وأبي سفيان وسهل بن عمرو وعمرو بن العاص إلخ. فأين كان هؤلاء المعترضون حين جسدت شخصيات الصحابة هؤلاء، لماذا تجسيد شخصية عمر بن الخطاب أحدثت كل هذا؟ لدي أجوبة مختلفة لهذا السؤال إلا أن المساحة المتاحة لن تكفي، فقط أردت أن أقول إننا (جميعا) نعيش فترة زمنية قصيرة ونمضي إلى نهايتنا، بينما الحياة مستمرة، وفي كل زمن تختار الحياة وسيلة تواصل بين أفراد المجتمعات، وهي الآن في زمن الصورة الذي تتواصل به، وحين حرمت الصورة الفوتغرافية لعشرات السنين تم إسقاط هذا التحريم مع احتياج الحياة للصورة كأداة تعبير وتواصل، وهذا ما يقودنا إلى التنبه لفقه الواقع، هذا الفقه الذي مازال مهملا من قبل الكثيرين. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة [email protected]