تعيين السفير السعودي السابق لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية لفترة طويلة الأمير بندر بن سلطان، رئيسا لجهاز المخابرات السعودي، هو إشارة إلى وجود اتجاه لمنح هذا الجهاز «نكهة دبلوماسية»، في الوقت الذي تشهد المنطقة موجة من الفوضى والاضطراب. ويقول خبراء أن الأمير بندر الذي خدم سفيرا لبلاده في واشنطن بين عامي 1983 و2005م والذي تم تعيينه رئيسا للمخابرات السعودية، الخميس الماضي، لديه القدرة على «التفكير من خارج الصندوق الأمني الضيق» وعلى تجاوز الحواجز والعقبات، واتخاذ القرارات، والعمل بطريقة إبداعية. المحلل الخبير في مجال العلاقات الدولية، عبدالله الشمري قال: بوسع الأمير بندر أن يلعب دورا محوريا في التوجه العام نحو إعادة تقييم استراتيجيات السياسة الخارجية، بالتزامن مع التغييرات الجيو سياسية الضخمة التي تحصل في العالم العربي ومن أجل إعادة تنظيم أدوار المملكة وتركيا وإيران في الشرق الاوسط». وأضاف الشمري: أمام المملكة فرصة لاستعادة دورها القيادي في المنطقة بعد أن تركت إيران وتركيا بقوة عقب هجمات 11 سبتمبر 2001، واجتياح إمريكا للعراق عام 2003م. وقال عبدالعزيز بن صقر رئيس مركز الأبحاث الخليجي إن الوضع الراهن يتطلب تنسيقا أوسع، ليس على المستوى الأقليمي فحسب، بل على المستوى الدولي أيضا. وأضاف أن المملكة التي حرصت تقليديا على إقامة علاقات متينة مع القوى الغربية، حرصت في السنوات الماضية على إقامة علاقات جيدة مع روسيا، وتبادلت الزيارات معها على أعلى المستويات. لكن العلاقات مع موسكو تعرضت لسلسلة من الصدمات، بعد أن اجتاحت انتفاضات الربيع العربي المنطقة العام الماضي. خاصة بسبب دعم القوى لحليفها القديم الرئيس السوري بشار الأسد. ففي الوقت الذي دعت فيه المملكة علنا إلى تسليح الشعب السوري الذي يقاتل نظام الأسد انضمت روسيا إلى الصين، في مجال استخدام حق النقض (الفيتو) لمنع مجلس الأمن الدولي من اتخاذ قرارات صارمة بحق النظام السوري طوال الأشهر ال 16 الماضية. وانطلاقا من ذلك قال صقر إن الوضع يتطلب عملا هدفه إجادة لعبة المصالح الخاصة بالقوى الدولية. وأوضح أن الأمير بندر حقق العديد من النجاحات الهامة على الساحة الدولية، على مر السنين: فهو مثلا: تمكن من إقناع روسيا بعدم معارضة قرارات الأممالمتحدة المتعلقة بطرد قوات صدام حسين من الكويت، بعد اجتياحها عام 1990م. كذلك كان دور الأمير بندر قويا على صعيد الاتصالات الدبلوماسية بشأن الأزمة في لبنان عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005م. فقد أسفرت المطالبات الشعبية العارمة بعد جريمة الاغتيال عن انسحاب القوات السورية وعملاء المخابرات من لبنان منهية بذلك هيمنة سورية دامت ثلاثة عقود ولم تكن مفيدة. وفي عام 2005 تسلم الأمير بندر أيضا أمانة مجلس الأمن الوطني الذي أنشيء حديثا للمساهمة في الجهود التي خاضتها المملكة ضد تنظيم القاعدة عقب حصول سلسلة من الهجمات الإرهابية. وسوف يحتفظ الأمير بندر بهذا المنصب إلى جانب منصبه الجديد. ومن المتوقع أن يعيده إلى الأضواء بعد فترة غياب دامت خمس سنوات. من جانبه قال أنور عشقي رئيس المركز السعودي للدراسات الاستراتيجية والقانونية: إن الأمير بندر هو من بين الأشخاص الذين يفهمون جيدا السياسات الأمريكية، ويجيدون التعامل مع صانعي القرار فيها، وهو سيكون قادرا على التوصل إلى تفاهم أفضل بين الأمريكيين والعرب، في الوقت الذي يواجه الشرق الأوسط تداعيات الربيع العربي.