« بدأت أنساك، فلا تعجبي ... لابد للشمس من المغرب». القصيبي. هل حقا أن (البعد جفا)، وأن (البعيد عن العين بعيد عن القلب)؟، هل يمكن للغياب أن ينسي وأن يمحو وأن يشطب كل ما نقش على جدار القلب؟ هل الابتعاد عن الفرح والبهجة والشروق المضيء يمكن أن ينسي القلب جمالها؟. أكثر ما يسيطر على مشاعر الأحبة عند الافتراق، الخوف من النسيان فهم يعتقدون أن البعد والغياب الطويل يفسح المجال لنبتة النسيان أن تنمو وتزدهر فتذبل المشاعر الجميلة خلف ستائر الغياب ويفتر التواصل وتندثر الأشواق!!. الخوف من النسيان لا يكون حين تظلل غيمته ذاكرة الطرفين، الخوف يكون متى استدلت الغيمة طريقها إلى أحدهما وضلت الطريق إلى الآخر، فتنشر الظل والرواء في أرض أحدهما وتترك أرض الآخر في هجير وجفاف. القصيبي رحمه الله، يدعي في بيته السابق أنه كان الطرف المحظوظ في هذه المعادلة، فما أن مسه الفراق، حتى بدأت غيمة النسيان تجر ذيولها نحو سمائه لتحجب خلفها شمس الفراق المحرقه، وهاهو بدلا من أن يشعر بالأسى لغياب الحبيبة يغمر الفرح قلبه مزهوا ببوادر النسيان تهل على ذاكرته. هل حقا هو يشعر بذلك؟ لا أدري لم لا أستطيع تصديقه!!، أقرأ بيته فأقرؤه مقلوبا، يخيل إلي أني أسمعه يرجو الحبيبة أن لا تبتعد عنه وأنه لا يقدر على نسيانها!!. هذا البيت للقصيبي يذكرني بعبارة لغادة السمان تخاطب فيها الحبيب المفارق تخبره أنها انتهت منه ولم يعد له وجود في قلبها: «ولم أعد أحبك، ولم يعد قلبي يموت ويحيا بانتظار هاتفك» .. ومثلها ما تقوله أحلام مستغانمي في تأكيد لا مبالاتها بغياب الحبيب: «منذ افترقنا ما عاد الأمر يعنيني، سيان عندي إن غدرت أو وفيت» .. هل يمكن تصديق ما يزعمه هؤلاء المفارقون!!، هل نصدق أحلام أو غادة إلا بقدر ما نصدق القصيبي!!. ولكن ما تفسير هذا الكذب بادعاء النسيان؟ هل هو خداع للذات ومحاولة أن يستعيد القلب الضامر حيويته بإيهامه أنه خلا ممن كانت تؤلمه مفارقته وأنه قد آن له أن يتحرر من الحزن الذي غشاه إثر الغياب؟، هل هي رغبة نفس جريحة في إظهار استعلائها أمام الحبيب واستعراض القدرة على الابتعاد عنه والأمل في إثارة غيظه عند معرفته أنه لم يعد اللحن المفضل الذي أدمنت عزفه أوتار القلب؟، أم أنه ليس هذا ولا ذاك، وأني شططت عندما افترضت الكذب فيما يقولون وأنهم فعلا يعبرون عن شعور حقيقي أصابهم لما طال بهم البعد؟، إني لا أدري!!. لكني أفضل تسليم شوقي وصدقه حين عرض حاله بين يدي الحبيب واصفا ما اعتراه في غيابه دون إنكار ومغالطة: « مر من بعدك ما روعني ،، أترى ياحلو، بعدي روعك» ؟. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة