ليس منا من لم تطرق بابه لحظات الاختناق، تلك اللحظات التي يشعر فيها بأن الأوكسجين شارف على الانتهاء من غلافنا الجوي، وبأن جسده على وشك التداعي، وهو يقف على مشارف محطة تأخذه من يده عنوة، لتلقي به في غيبوبة طويلة المدى. وفجأة! وبمجرد تلقيه لكلمات بسيطة أو ابتسامة لطيفة أو تربيتة حنونة أو استغراقه في الاستغفار، تنتهي تلك اللحظات وكأنها لم تكن! وإن بحثنا عن المسببات سنغرق في بحر عميق من التحليلات قد نوفق فيها حينا ونخفق في أحيان كثيرة! لذا ما رأيكم في أن نصرف تركيزنا على نقاط أهم؟ لا أقصد هنا ألا نتأمل أو نتفكر، بل أن نوجه تلك الطاقة التي تسكن أجسادنا بعد عودة حالة الاستقرار إلى أرواحنا وأن نوظفها في اكتشاف أسرار وأسباب وجود تلك الانفراجات التي تحدث فجأة ونستشعر جمالها ومدى تأثيرها والطرق المثلى لاستغلالها، فأنا لم أفهم حتى يومنا هذا لماذا يربط البعض منا التأمل والتفكر والتحليل بالألم وبالتجارب المريرة؟ أليس من الممكن أن نتأمل ونحن في قمة السعادة؟ عن تجربة أجيبكم بأنه ممكن.. وممكن جدا! ليس ذلك فحسب بل إن رش رذاذ السعادة على رؤوس من حولنا من أسهل الواجبات وأرفعها قدرا وإنسانية دون ربط ذلك بموسم أو فترة زمنية محددة كشهر رمضان المبارك على سبيل المثال! أخيرا أقول.. علينا أن نبحث دوما عن مفاتيح السرور الخاصة بالآخرين، ليس للاحتفاظ بها وتخزينها لتحقيق مصالحنا.. لا، بل لاستخدامها في فتح الأبواب المغلقة في نفوسهم.. ونفوسنا، وتحريك المياه الراكدة في حياتهم.. وحياتنا، وأن نضع في الحسبان مبدأ مهما هو أن حجم عطائنا يوازي حجم سعادتنا، فلا نستصغر عظم تلك الدقائق التي نسعد بها معهم، وألا ننتظر حلول شهر رمضان لزرع بذور الخير، بل أن نحرص على ذلك طوال العام. وبما أن هذا الشهر يقف ملوحا من بعيد، فسأختم مقالي بكل عام وأنت والأمة العربية والإسلامية بخير، يا باحثا عن السعادة. [email protected]