نميل كبشر لسلك الطرق السهلة التي لا تقلق مضاجعنا، والبحث عن الحلول السريعة التي تنهي مشاكلنا في أقل وقت وجهد ممكنين، مع أن لحظة الإنجاز بعد طول مشقة تحمل لذة من نوع مختلف، هذه اللذة تتبعها آهة تسمى «آهة السعادة». هذه الآهة لن يشعر بوجودها أبدا من يبحث عن الربح دون تعب، ولا من يبحث عن الشهرة دون عمل، ولا من يبحث عن الصداقة دون مرونة، ولا من يبحث عن التصفيق دون أداء مسرحي مبهر!. بل يشعر بها ويعرفها تمام المعرفة من صادق العمل، وآخى التخطيط، وحلم بالغد، واكتحل بالتفاؤل، وإن لم يسبق لك أن سمعتها أو رأيتها فابحث عنها وستجدها في ملامح الآخرين من حولك، فهذه الآهة تطلقها الأم لحظة ولادة طفلها الذي حملته لأشهر داخل أحشائها، ويطلقها العداء لحظة إنهائه السباق محتلا الصدارة بعد أشهر من التمارين الشاقة، ويطلقها الطالب لحظة استلامه لشهادة تخرجه مع مرتبة الشرف بعد سنوات من الجد والسهر، وإن لم يحالفك الحظ برؤيتها أو سماعها ممن ذكرت لك، فأنت بالتأكيد لمحتها يوما وهي ترتسم في وجه اللاعب الذي أحرز هدف الفوز لفريقه في آخر دقيقة من المباراة وعيناه تحلقان في السماء شكرا لله!. وإن تأملنا في الأمر قليلا لأدركنا أن «آهة السعادة» تؤرخ التفاصيل التي تلتها وسبقتها، فنحن مثلا نذكر كثيرا من اللحظات السعيدة التي مرت في حياتنا، لكني أكاد أجزم بأننا قد نسينا بعضا من التفاصيل الدقيقة التي تتعلق بها، على عكس اللحظات التي ترتبط بهذه الآهة العجيبة التي تحولك في ثوان من مجرد إنسان منجز فقط إلى جهاز لاقط للصوت والصورة!. أخيرا أقول، إننا لن نستشعر عمق إنجازاتنا ونؤرخها إن لم ترافقها «آهة السعادة»، وليس بالضرورة أن يكون الإنجاز شيئا خارقا للعادة أو ابتكارا منقطع النظير!، فكل فعل إيجابي يعزز التضامن في مجتمعاتنا، ويزرع الحب في قلوب من حولنا، ويكسبنا دعاء والدينا.. يعتبر إنجازا!، لكن هذا لا يعني ألا يبحث كل منا عن آهته السعيدة!. أمنياتي لكم بآهة سعيدة.. أقصد بيوم سعيد. [email protected]