سيطرت الأزمة السورية على مفاصل الحياة السياسية اللبنانية، بكل أبعادها حتى السياحية منها، في الوقت الذي تتمسك فيه الحكومة اللبنانية بسياسة النأي بالنفس عن الأزمة السورية مع التزامها بتغطية كل الخروقات والانتهاكات السورية على الحدود، أو عبر قوى الثامن من آذار التي تشكل الأكثرية الحكومية وتناحرها الداخلي والتي كانت آخر إرهاصاته شلل الحكومة، وفشلها في عقد الجلسة الأخيرة أمس الأول الثلاثاء. وما بين النأي بالنفس والتناحر ضرب الشلل لبنان في كافة قطاعاته الاقتصادية والسياسية والأمنية، فيما تدخل سياسة حرق الدواليب، وقطع الطرقات على خط الأزمة لتزيد من تعقيد الظروف السياسية. من جهتها، حملت الأمانة العامة لقوى 14 آذار القوى المتحالفة مع النظام السوري، وعلى رأسها «حزب الله» و «التيار الوطني الحر» وحلفاؤهم مسؤولية التغطية على الانتهاك السوري للحدود اللبنانية السورية في ليل 1-2 تموز (يوليو) الجاري عندما خرقت قوات الأسد السيادة اللبنانية عند نقطة الجمارك والأمن العام في وادي خالد، وأسرت عناصر من الأمن العام اللبناني، مع تقاعس الخارجية عن استدعاء السفير السوري لإبلاغه اعتراض الحكومة اللبنانية على انتهاكات قوات نظامه للسيادة الوطنية، تماشيا على الأقل مع ما عبر عنه رئيس الجمهورية، وتجدد استنكارها أيضا تحول وزارة الخارجية منصة للسفير المذكور . ودعت الأمانة العامة الرأي العام اللبناني وأهلنا في الجنوب إلى أخذ تصريحات أحمد جبريل، أمين عام القيادة العامة، على محمل الجدية، والتي يؤكد فيها أن الفصائل الفلسطينية و «حزب الله» على كامل الاستعداد للقتال إلى جانب سورية في حال تعرضت لأي اعتداء، لافتة إلى أن ربط لبنان بالتعقيدات الإقليمية يتناقض مع قرارات الشرعية الدولية، واتفاق الطائف ومقررات الحوار الوطني، ويبرر قرارات بعض الدول الشقيقة بتحذير رعاياها المجيء إلى لبنان. من جهة ثانية، أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أمس أن حكومته تعمل على حماية الوضع الأمني والاستقرار في لبنان، جاء ذلك خلال لقاء سفير المملكة لدى بيروت علي عواض عسيري مع ميقاتي. وقال مصدر في الحكومة اللبنانية إن ميقاتي بحث مع السفير عسيري خلال استقباله له أمس العلاقات الثنائية بين لبنان والمملكة وخصوصا تحذير المملكة للرعايا السعوديين من السفر إلى لبنان. وأضاف المصدر أن ميقاتي «طمأن السفير عسيري إلى أن الحكومة تتخذ الإجراءات اللازمة لحماية الوضع الأمني والاستقرار في لبنان»، مشددا على أن «الأخوة العرب لا سيما السعوديين مرحب بهم في أي وقت في لبنان».