تطوران بارزان طرآ أمس على الانشغالات اللبنانية الداخلية بمعالجة قطع أوتوستراد صيدا الشرقي من قبل الشيخ أحمد الأسير وأنصاره احتجاجاً على سلاح «حزب الله»، وبتشريع الإنفاق الحكومي في المجلس النيابي لعام 2012 في انتظار إقرار الموازنة، هما إعلان وزارة الخارجية السعودية تحذيرها رعاياها من السفر الى لبنان بسبب التطورات الأمنية فيه، وحصول خرق سوري جديد للحدود اللبنانية، استهدف هذه المرة مركزاً للأمن العام اللبناني احتجز أثناءه عنصران من الجهاز الأمني اللبناني ثم أعيدا وقد أصيبا بجروح، وإصابات أحدهما بليغة. في هذا الوقت، فجرت طائرات حربية إسرائيلية قبل ظهر أمس جهاز تجسس كانت إسرائيل زرعته جنوب نهر الليطاني، أي في المنطقة الخاضعة للقرار الدولي الرقم 1701، للتجسس على الشبكة السلكية التابعة ل «حزب الله»، وذلك بعد اكتشافه من قبل رجال المقاومة واستدعى الخرق السوري الجديد على معبر بلدة البقيعة في منطقة وادي خالد في عكار شمال لبنان في الصباح الباكر موقفاً احتجاجياً من رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي اعتبر «اجتياز وحدة عسكرية سورية الحدود واحتجاز عنصرين من الأمن العام اللبناني وتركهما لاحقاً، أمراً مرفوضاً يخالف القوانين والأعراف الدولية ويتجاوز مبدأ التنسيق الواجب بين البلدين». وشدد سليمان على «عدم تكرار مثل هذه الأعمال وعلى احترام سيادة كل من البلدين واستقلاله». كما دان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي احتجاز الجيش السوري عنصرين من الأمن العام اللبناني داخل الأراضي اللبنانية، واعتبره خرقاً غير مقبول للسيادة اللبنانية، وقال إنه سيكون موضوع متابعة من قبل المراجع المختصة لجلاء ملابساته، وتلقى اتصالاً من وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس الذي أبدى تفهمه لموقف الحكومة من التطورات في لبنان. وكان صدر عن المديرية العامة للأمن العام بيان أشار الى «تعرض مركز البقيعة الحدودي لإطلاق نار أثناء ملاحقة قوة من الجيش العربي السوري لمسلحين أطلقوا من الأراضي اللبنانية قذيفة على مركز الهجرة والجوازات السوري أدت الى إصابة عنصرين من المركز المذكور». وأوضحت مديرية الأمن العام أن «القوة السورية اصطحبت عنصرين من مركز الأمن العام الى الأراضي السورية ثم أطلقت سراحهما». وكان الحادث الحدودي أمس مدار تعليقات خلال الجلسة النيابية التشريعية أمس، لا سيما من قبل نواب «قوى 14 آذار» فاستغرب النائب سامي الجميل صمت الحكومة عنه وعدم استدعاء السفير السوري، وأيده النائب معين المرعبي الذي جدد المطالبة بنشر الجيش على الحدود، وكذلك فعل النائب أحمد فتفت. أما على صعيد إعلان الخارجية السعودية أمس تحذيرها رعايا المملكة من السفر الى لبنان «حتى إشعار آخر نظراً لعدم استقرار الأوضاع» في هذا البلد، فقد جاء في بيان نشرته «وكالة الإنباء السعودية»، فيما أوضح السفير السعودي لدى لبنان علي بن عواض عسيري أن «ليس المقصود من هذا القرار إلحاق أي ضرر بلبنان إلا أن سلامة المواطنين السعوديين هي من أولويات القيادة السعودية». وقال مصدر مسؤول في الخارجية السعودية إنه «نظراً لعدم استقرار الأوضاع على الساحة اللبنانية فإن وزارة الخارجية تحذر المواطنين السعوديين من السفر الى لبنان حفاظاً على سلامتهم وأسرهم خلال هذه الفترة وحتى إشعار آخر». وتنضم المملكة في قرارها الى دول خليجية أخرى اتخذت قرارات مماثلة وهي الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين والكويت. وفي بيروت نقلت «الوكالة الوطنية للإعلام» (الرسمية) عن السفير عسيري «أن قرار وزارة الخارجية يأتي نتيجة الأحداث الأخيرة التي حصل فيها حرق إطارات وإقفال شوارع وأحداث أمنية في مختلف المناطق». وقال: «انطلاقاً من حرص المملكة على عدم تعريض مواطنيها لأي مخاطر وحرصاً على سلامتهم اتخذت المملكة هذا الإجراء الوقائي لتحذير المواطنين السعوديين وتنبيههم، آملين بأن نرى لبنان آمناً مستقراً وأن تبذل كل القوى السياسية على الساحة اللبنانية الجهود المطلوبة لتأمين الأمن والاستقرار في لبنان، لا سيما أن لبنان بلد عزيز على المملكة ويحظى برعاية كريمة ومتواصلة من خادم الحرمين الشريفين الذي يعمل على أن تكون هناك نتائج إيجابية للحوار القائم بين القوى السياسية اللبنانية بما يخدم مصلحة لبنان ويعيده إلى تألقه المعروف، كي يرتاح اللبنانيون وزوار لبنان معاً». وأجرى رئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة اتصالاً بالسفير عسيري للاطلاع منه على خلفيات تحذير المواطنين السعوديين من السفر الى لبنان. أما على صعيد تفجير إسرائيل جهاز تجسس، فقد شهد الجنوب قبيل الحادية عشرة قبل ظهر أمس تحليقاً كثيفاً للطيران التجسسي والحربي الإسرائيلي على طول خط نهر الليطاني وسمع أثناء ذلك دوي انفجار في وادٍ في المنطقة الواقعة قرب قرى الزرارية والحلوسية وبدياس. ولاحقاً وزعت العلاقات الإعلامية في «حزب الله» بياناً باسم المقاومة الإسلامية» جاء فيه: «في إطار عملها المستمر لمكافحة التجسس الإسرائيلي، تمكنت المقاومة الإسلامية من اكتشاف جهاز تجسس إسرائيلي على شبكة الاتصالات السلكية للمقاومة في منطقة الزرارية فقام العدو إثر ذلك بتفجيره عن بعد، ولم يصب أحد بأذى نتيجة حيطة وحذر فنيي المقاومة». أضاف البيان: «إن محاولة التجسس التقني للعدو، والتي أحبطتها المقاومة، تأتي في إطار الاعتداءات الإسرائيلية المتمادية على منظومة الاتصالات، وهو ما يشكل انتهاكاً للسيادة، ومحاولة لاستباحة أمن اللبنانيين وسلامتهم. وإن المقاومة الإسلامية تؤكد استمرارها في مواجهة مخططات العدو واعتداءاته على أمن لبنان وسلامته ومقاومته». وإذ دعا «حزب الله» الإعلاميين الى التوجه الى المنطقة التي اكتشف فيها جهاز التجسس لمعاينته، عرض تلفزيون «المنار» مشاهد للجهاز المؤلف من صناديق عدة لاقطة، وعدد من البطاريات التي تتيح استمرار تشغيلها، موصولة عبر كيبل طويل الى جهاز إرسال للمعلومات التي يتم تخزينها جرى تركيزه على تلة، الى موقع إسرائيلي يقع قرب الحدود. وقام الجيش اللبناني ورجال المقاومة بمعاينة مكان التفجير وزرع أجهزة التنصت على الشبكة السلكية، للبحث عن أجهزة تنصت أخرى. وكانت الحرائق الناجمة عن الانفجار ما زالت مشتعلة ليلاً. ووصف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي التفجير بأنه انتهاك جديد للسيادة اللبنانية. وقال بيان لميقاتي إنه تابع الوضع في الجنوب في ضوء الانتهاك الإسرائيلي للسيادة اللبنانية. وطلب من الجيش اللبناني معالجة الموضوع مع قيادة القوات الدولية العاملة في الجنوب.