تعاني يتيمات قرية أطفال طيبة من التهم التي ألصقت بفتيات القرية، والتي خلقت لديهن ردة فعل عكسية، الأمر الذي يتطلب تدخلا سريعا يضمن لهن معالجة إنسانية وفقا لحلول علمية أكاديمية.. «عكاظ» تحدثت إلى عدد من المختصين في المدينةالمنورة للوقوف على ما يقدمونه لإدارة القرية من حلول قالوا انها كفيلة بإنهاء إشكاليات يتيمات القرية طيبة في المدينةالمنورة، وأوضحوا أنه لا بد من تعاون الجمعية في تفعيل هذه الحلول من أجل إنهاء معاناتهن التي ظلت طوال الفترة الماضية حديث الناس داخل وخارج المدينةالمنورة. تحدثنا بداية إلى شرف القرافي مشرفة مكتب الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، حول الحلول المرتجاة لإنهاء معاناتهن، مبينة أنه لا بد من إعادة الفتيات إلى مقر إقامتهن المخصص من قبل الجهة المعنية وفق أنظمة الرعاية الاجتماعية، مشيرة إلى أنه المكان المناسب والآمن لهن، مشددة على أنه إذا كان لا بد من معاقبتهن فيجب أن يكون عقابهن داخل حدود القرية وليس خارجها، ووفق ما نصت عليه الأنظمة الخاصة بالأحداث والقصر التي شرعتها الجهات المختصة، داعية إلى ضرورة إشراك اليتيمات في كل ما يخصهن ومشاروتهن عند أي حلول أو معالجات من خلال التعبير عن احتياجتهن، وتشجيعهن على فهم حقوقهن التى كفلتها لهن الشريعة الإسلامية السمحة والأنظمة المحلية والاتفاقيات الدولية، حتى يصبحن عنصرا فاعلا في المجتمع. الاتفاقات الدولية وأوضحت القرافي أن كافة الحقوق التي تم إقرارها للأطفال هي في حد ذاتها حقوق للأيتام. وأضافت: حقوق الأيتام جزء من حقوق الأطفال بصفة عامة وأبرز هذه المواثيق وأشملها الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، مشيرة إلى أن شريعتنا الخالدة بروحها السامية وأهدافها الإنسانية ومقاصدها العليا تعزز توجهات وأهداف الاتفاقية في توفير الرعاية الخاصة والمساعدة اللازمة للطفل، إلى جانب حفظ حقوقه وحمايته وتنمية شخصيته وتطوير طاقاته، وإعداده من خلال تربية تقوم على المثل العليا من التسامح والحرية والمساواة والإخاء والكرامة والسلام، مشيرة إلى أن أبرز مواد الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل المعنية، ما ورد في (المادة 2) الخاصة بالتزام الأطراف الموقعة عليها بأن تضمن لجميع الأطفال الذين يخضعون لولايتها التمتع بحقوقهم، وقالت إنها بذلك تفرض نوعين من الالتزامات؛ أولا احترام هذه الحقوق، وثانيا الامتناع عن انتهاكها وضمان اتخاذ التدابير الضرورية على مستوى التشريع الداخلي باعتباره أصبح ملزما للدول الموقعة على هذا النوع من الاتفاقيات، مبينة أن (المادة 3) أوجبت احترام مصالح الطفل. وأكدت القرافي أن المواثيق المنبثقة من الشريعة الإسلامية وتحديدا في (المادة 20) أن للطفل المحروم بصفة مؤقتة أو دائمة من بيئته العائلية الحق في حماية ومساعدة خاصتين توفرهما الدولة، وفقا لقوانينها الوطنية، بحيث تضمن له رعاية بديلة، مشيرة إلى أن الأنظمة السعودية حفظت حقوق الطفل التي تضمنت كفالة الدولة للحقوق الأساسية للطفل مثل حقه في الحياة والحرية والكرامة والصحة والتعليم والتنشئة الاجتماعية وأنظمة القضاء وحقوق الإنسان وعدم التمييز، إلى جانب ضمانها للحقوق الشرعية والقانونية للطفل بتوفير الرعاية للأطفال الأيتام والقصر، بما يحقق المصلحة الفضلى لهم. وأشارت القرافي إلى الأوامر السماوية التي أمرت بعدم قهر اليتيم في قوله تعالى: (فأما اليتيم فلا تقهر)، وهو أمر يشير صراحة إلى وجوب الرعاية النفسية لليتيم حتى لا يشعر بأن التعاطف معه أو إعطاءه شيئا من حقوقه المقررة شرعا وقانونا مجرد تفضل وإحسان دافعه الشفقة، فيشعر بالدونية أو النقص أو الحرمان أو الإحساس بالإهانة، مبينة أن تلك المشاعر والأحاسيس تتعارض مع حق الحياة الكريمة والمستمدة من قوله تعالى (ولقد كرمنا بني آدم). يفتقدون الأبجديات من جهتها، أكدت الدكتورة عهود الرحيلي أستاذة الصحة النفسية في جامعة طيبة، بأن أيتام القرية يفتقدون لأبجديات التربية الصحيحة، التي يتميز بها الطفل العادي من خلال التنشئة الأسرية اللازمة لتعليمهم وإكسابهم المعايير والقيم والعادات والسلوكيات والأخلاق الحميدة، وقالت إن ذلك الحرمان والفقد يؤديان إلى خلل في قدرة اليتيم على التوافق النفسي مع الذات ومع البيئة الاجتماعية المحيطة، سيما أنهم يشعرون بالرفض والنبذ وما يترتب عليه من شعور بالنقص والعجز والاغتراب النفسي الناتج عن شعورهم بالوصمة. وقالت الرحيلي إن اليتيم في القرية غالبا ما يشعر أن المجتمع ينظر له على أنه وصمة عار، وأن ذلك يترتب على ظهور مجموعة من السلوكيات العدوانية التي قد تكون مضادة للمجتمع الرافض له، وأضافت: لذلك فإن فئة الأيتام يحتاجون للإرشاد والتوجيه المضاعف من قبل الكوادر العاملة في دور وقرى الرعاية، من أجل مساعدتهم على النمو النفسي السليم، واستعادة توازنهم وتوافقهم النفسي وإكسابهم السلوكيات والعادات السليمة. إشباع حاجاتهم وأبانت الرحيلي أن أفضل وسيلة لتحقيق ذلك هي إشباع حاجتهم للحب والتقدير والاحترام والحنان والرحمة والعطف، وأن القبول الاجتماعي من أهم الحاجات التي يبحث عنها اليتيم، بعيدا عن اللامبالاة والقسوة في التعامل، في حالة ارتكاب اليتيم لسلوك خاطئ، وأضافت: لعل مبدأ الثواب والعقاب في تخطي بعض السلوكيات الخاطئة وغير المقبولة قد يكون فاعلا إذ استخدم بطريقة سليمة، وفقا لعمر اليتيم وحجم السلوك الخاطئ الذي تم ارتكابه، كما أنه يجب اختيار نوع العقاب غير المؤذي ماديا أو معنويا لليتيم، بعيدا عن الضرب والتحقير، مثل الحرمان من المشاركة في رحلة ترفيهية خارجية أو المساعدة في أعمال الدار وغير ذلك. اختيار الكوادر وقالت الرحيلي إن ذلك يعني ضرورة اختيار الكوادر العاملة في القرية اختيارا سليما وبعد تمحيص وتدقيق مع تأهيلهم تأهيلا معرفيا يزودهم بالفهم الكافي لحاجات ودوافع اليتيم وبكيفية إشباعها، إلى جانب أهمية العلاقة بين اليتيم والكادر العامل، ما يحقق الشروط التربوية والنفسية اللازمة في التعامل مع الأيتام، من أجل مساعدتهم ودعمهم ليكونوا فئة فاعلة في المجتمع وليسوا عالة عليه. أضعف الشرائح من جهته، قال الدكتور غازي المطيري أستاذ كرسي الامير نايف للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالجامعة الاسلامية بالمدينةالمنورة، إنه من المحزن حقا أن تكون أضعف شرائح المجتمع محل ظلم واضطهاد من بعض الأفراد من مجتمع يتحلى بصفات الرحمة والعطف والرأفة استنادا إلى ديننا العظيم فضلا عن الشيم والمروءات المتوارثة عن العرب. وأضاف «مثل هذه التصرفات تعد ظلما لا مبرر له وتعبر في الوقت نفسه عن مدى الغفلة في بعض المؤسسات». للأيتام حرمتان وقال الدكتور المطيري إنه حينما نستحضر الزمان وحرمة المكان وكيف أن مثل هذه التصرفات تحدث في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن هذا يدعونا إلى أن ننظر بعين الإنصاف والمسارعة إلى حماية هذه الشريحة التي حذر أهل العلم استنادا لكتاب الله عز وجل وما في سنة رسوله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، من حرمة لهذه الفئة، حيث يعد وجودها في المجتمع مجلبة لرحمة الله سبحانه و تعالى، كما في الحديث: (إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم)، مبينا أن شريحة اليتامى تستوجب الاهتمام بهم، لا سيما الفتيات منهم التي يجتمع فيها الضعف الأنثوي والانفراد اللأسري، لافتا إلى أن تكالب واجتماع هاتين الصفتين يمثل الضعف في أجلى صوره وأبين تطبيقاته. وشدد المطيري على أنه لا ينبغي أن تمر هذه التصرفات مرور الكرام، داعيا إلى عرض المشكلة على أعلى المستويات، لتتخذ فيها الإجراءات اللازمة لمعاقبة الفاعلين. وكانت مديرة الإشراف الاجتماعي في الشئون الاجتماعية بالمدينةالمنورة فاطمة العقبي قد أكدت ل «عكاظ» أن تقريرا عن وضع أيتام القرية رفع للوزارة وأنه سيتم النظر في جميع شكاوى اليتيمات، وأشارت إلى أن الأوضاع ستكون أفضل في القريب العاجل.