جرت انتخابات الرئاسة في مصر على مرحلتين، ولكن المرحلة الثانية فى الإعادة كانت الأشد إثارة لأن تصفيات الجولة الأولى أسفرت عن مواجهة حادة بين عالمين، الأول يمثله الفريق أحمد شفيق، والثاني محمد مرسي مرشح الإخوان. وكان المشهد في هذه الانتخابات أقرب من الصراع منه إلى التنافس، أي أن الصراع كان طابع انتخابات الإعادة بين الماضي والمستقبل. ممثل النظام القديم استعان بالدولة العميقة كما انضم إليه المتخوفون من حكم الإخوان، ولذلك كان السلوك التصويتي غريبا للطرفين، ومعظم الذين انتخبوا محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة كانوا من الرافضين للنظام السابق. وفى المقابل كان معظم أنصار شفيق من كارهي الإخوان المسلمين، ومعنى ذلك أن معظم المواطنين المصريين لم يختاروا المرشح لفضائل في شخصه، أو في برنامجه وسمي هذا التصويت بالتصويت العقابي، وأما المؤيدون المخلصون لمحمد مرسي فهم كل التيار الإسلامي، وبعض قوى الثورة. كما أن مؤيدي شفيق هم من اتباع النظام السابق وجهاز الدولة، ولكن الحقيقة أن القضاء المصري هو بطل هذه الملحمة فقد أخلص القضاة فى كل اللجان الفرعية، ولم تجد اللجنة العليا للانتخابات بدا من أن تعلن نفس النتائج تقريبا التى سبق أن أعلنها القضاة. ولكن تأخير إعلان النتائج ضاعف الشكوك في التلاعب، ولذلك كان وقع المفاجأة مدويا، واعتبر الشعب المصري أن انتخاب محمد مرسي يعني التمسك بالثورة وأهدافها. ولكن نجاح مرسي هو بداية مرحلة جديدة فهو أول رئيس منتخب انتخابا صحيحا فى التاريخ المصري كله، وهو ينتخب في الوقت الذي يعلن فيه المجلس العسكري أن له دورا فى التشريع والدستور بينما يؤكد أنه سيسلم الرئيس الجديد السلطة يوم 30 الجاري. وقد فهم أن السلطة في نظر المجلس العسكري هي السلطة التنفيذية وحدها. وأما السلطة التشريعية فيتولاها المجلس العسكري بدل مجلس الشعب المنحل.. وفي كل الأحوال، فإن تحديات تسليم السلطة، وإعادة إعمار مصر كبيرة جدا ولكن الأمل في تجاوزها أكبر.