طالما الناطق الرسمي باسم الحكومة الروسية سمح لنفسه التصريح باسم حكومته بوصف المملكة العربية السعودية بأنها دولة راعية للإرهاب في سوريا (كما نشر في عكاظ)، فإننا نسمح لأنفسنا بوصف روسيا بأنها أكبر راعية لإرهاب الدولة في العالم من وجهة نظرنا، وإن لها في ذلك تاريخا عتيدا لا يمحى من ذاكرة العالم، ونحن لا نطلق القول على عواهنه مثلما تفعل روسيا. وطالما فتحت روسيا هذا الملف، فلنفتحه، فليس في تاريخنا ما يشين أو ما نخجل منه، فالمملكة ومنذ تأسيسها لم تكن دولة استعمارية ولم تسع لفرض سيطرتها أو استغلال نفوذها إلا لأجل السلم في العالم. أولم تكن روسيا في عهد إمبراطوريتها الحمراء هي من شنت الحرب على أفغانستان وفرضت الحكومة الشيوعية آنذاك ؟. ماذا كان موقف المملكة ألم تقف إلى جانب الشعب الأفغاني؟. والآن والعالم أجمع يشاهد فصول مأساة الشعب السوري الذي آثر النظام البعثي توجيه آلته العسكرية الضخمة عليه قتلا وتدميرا وتشريداً وهدماً بدلا من أن يوجهها على العدو الصهيوني الذي يحتل الجولان منذ أكثر من أربعة عقود هي عمر النظام، نقول، في الوقت الذي اصطف العالم كله مدينا هذا الهجوم الوحشي من نظام يفترض فيه حماية شعبه وقفت روسيا ومعها النظام الإيراني وحزب الله ضد هذا الشعب الأعزل مع النظام المجرم. وليت النظام الروسي اكتفى بخزيه ولزم الصمت وحينها سيقول البعض بأن روسيا لم تفعل سوى أنها خانت ضميرها وانحازت لمصالحها على حساب الأخلاق وباعت المبادئ رخيصة، بل ويمكننا أن نتفهم دوافعها، حيث إن الغرب خذلها من قبل مرتين في العراق وليبيا ولم تفز بأي صفقة، وكان الأحرى بها أن تراجع أداء خارجيتها بحثاً عن الأسباب، أما أن تحاول التغطية على عارها باتهام الآخرين على هذا النحو، وأن ترفع أصبعا في مواجهة المملكة فأمر يبعث على الضحك فعلا، وهو في عبثيته لا يشبه سوى سقوط روسيا في مادة الأخلاق. ما الذي فعلته المملكة على كل حال حتى تستحق الحنق الروسي؟، ألأنها اختارت الانحياز للشعب السوري العربي الأعزل الشقيق في وجه النظام القاتل؟، أبسبب هذا توصف برعايتها للإرهاب؟ ما يأمرنا به ديننا وعرفنا والأخلاق هو أن ننتصر للمظلوم على الظالم، وكل في النهاية يعمل على شاكلته ووفق ما تمليه عليه عقيدته وأخلاقياته ومرجعياته. لقد سقطت ورقة التوت التي كانت تغطي سوءة النظام الروسي، ولن يجديه نفعاً هذا التخبط، والواقع الفعلي يؤكد ما ذهبنا إليه. والله المستعان. *أكاديمي وكاتب سعودي www.binsabaan.com