«أعز مكان في الدنى سرج سابح.. وخير جليس في الزمان كتاب»، بيت شعر شهير للمتنبي، تبنته منظمة اليونسكو ليكون اليوم، شعارا للاحتفال باليوم العالمي للكتاب، لكن كثيرا من الشباب أصبح يرى أن الكتب الورقية أصبحت شيئا من الماضي، بسبب ارتفاع أسعارها، ومنافسة تكنولوجيا التعلم والإنترنت لها. في حين يطالب الآباء والتربويين بحث النشء على اقتناء الكتب واستعارتها من المكتبات العامة، والاهتمام بالمكتبات المنزلية، مطالبين دور النشر بالاهتمام بالقراء بدلا من الاهتمام بسعر الكتاب. حوار حول الكتاب «عكاظ» شهدت الحوار الثقافي حول أهمية الكتاب الذي نظمه نادي النقد الأدبي في مدرسة عبدالرحمن الداخل بمدينة جدة، وأداره معلم اللغة العربية عوض الله السلمي الذي أكد أهمية المكتبات في التشجيع على قراءة الكتب لاسيما الثقافية منها، باعتبار توفيرها حق من الحقوق الثقافية التي دعا إليها الإسلام واهتم بها العالم، وقال: «بالقراءة ترقى الأمم، فهي رديف التنمية، كما أن شباب اليوم يعيشون في تيه، مع توفر الإنترنت وغياب المكتبات العامة، وغلاء سعر الكتاب وعدم تبنى برامج أو مبادرات لتشجيع القراءة الهادفة، التي تعد الحصن المانع من تلوث الأفكار التي تزج بها المواقع الإلكترونية. وقد أكد الشباب المشاركون في الحوار: عبدالرحمن أبو العلا، محمد رافت، عبدالله الشاطري، وعدنان عبداللي، وفهد المالكي، أن التوجيه القرائي مطلوب لاسيما في عصر الإنترنت والفضاء المفتوح ومع غياب دور المكتبات. وقال أبو العلا إن الإنترنت أصبح يوفر الكتاب للراغبين، وهو ما يجعله في متناول الجميع، بينما أرجع الشاطري توافر الكتب إلكترونيا إلى قدرة مستخدم الإنترنت في البحث واقتناء الكتب المفيدة من بين مصادر المعرفة التي تعج بها الشبكة العنكبوتية. وفي المقابل طالب عبدالله بأن تقوم الجهات المهتمة بالكتاب وصناعته بإعداد برامج تثقيفية، إلى جانب تقديم خصومات على أسعار الكتب بمناسبة اليوم العالمي للكتاب، بالإضافة إلى المساهمة في إقامة معارض داخل المؤسسات التربوية، ودعم الأماكن التي يرتادها الشباب كالمقاهي والمنشآت الرياضية وغيرها من الأماكن.. بالكتب المجانية. لكن محمد رافت حذر من الجهود الفردية التي تلزم الشباب بقراءة نوعية معينة من الكتب، مطالبا أن تكون هناك استراتيجية لإثراء الثقافة، تتضمن برامج وأنشطة مؤسساتية بعيدة عن الجهود الذاتية التطوعية. وبدوره رأى فهد المالكي أن الشباب وبرغم نسبتهم الكبيرة في المجتمع، إلا أنهم مهمشين ثقافيا، وقال: «الناظر إلى الواقع يجد أن المكتبات المدرسية تعاني من عدم التزود المستمر بالإصدارات الحديثة، في ظل غياب المكتبات العامة ومكتبات الأحياء وغيرها، ولذا فإن على المؤسسات الثقافية ورعاية الشباب الاهتمام بإعداد البرامج والأنشطة في الأندية الرياضية وأماكن تواجد الشباب، لمعالجة كثيرا من الإشكالات الثقافية التي يعانوها. آراء المثقفين وفي الضفة الأخرى، أكد الروائي الدكتور مطلق البلوي رئيس لجنة المطبوعات والنشر عضو مجلس إدارة نادي تبوك الأدبي، تضامنه مع آراء الشباب، مطالبا الجهات ذات الاختصاص بتلبية احتياجاتهم الثقافية. وقال: لاشك أن على المؤسسات الثقافية دور في تلبية احتياجات الشباب لإثراء جانب الاطلاع والقراءة كي يواكبوا تطورات الساحة الثقافية محليا وعالميا. ومن جانبه أشار معلم المكتبة والبحث في مدرسة عبدالرحمن الداخل الثانوية بجدة علي الغامدي إلى أن المجتمع يفتقر إلى المقومات الثقافية، من مكتبات أو حتى محال بيع الكتب المستعملة منخفضة القيمة، وهو ما دفع الشباب للانشغال بالإنترنت، الأكثر اختزالا للمعلومات، والأقل تكلفة. وتضيف الشاعرة آمنة محمد، بأن الشباب في حاجة إلى التوجيه إلى القراءة واقتناء الكتب، تخفيفا لوطأة التولع ب«الإنترنت». .. وأولياء الأمور من جهتهم، أرجع عدد من الآباء ابتعاد أبنائهم عن القراءة إلى عدم وجود التوجيه والمؤازرة إلى زيارة المكتبات واقتناء الكتب، من قبل المعلمين ومؤسسات المجتمع الحكومية، حيث تسأل عمر باشماخ: كيف يستطيع الشباب أن يهتموا بالكتاب ونحن نعاني من سوء أوضاع المكتبات العامة التي سمعنا كثيرا عن تطويرها دون أن نرى ذلك، بالإضافة إلى غياب مكتبات الأحياء التي تعد إحدى الأسس المهمة لتنمية الإنسان، وتثقيفه. كما تسأل إبراهيم السلامي قائلا: كيف نستطيع أن نوجد مواهب وعلماء ونحن مازلنا نفتقر إلى دور الثقافة الشبابية ومقوماتها. وأضاف أن تقدم الأمم مرهون بمدى اهتمامها بالقراءة، وولذا كانت أول أية أنزلت في القرآن الكريم هي (اقرأ). نقلة نوعية من جهة أخرى، شدد عضو جمعية الناشرين السعوديين عدنان الجهني، على أهمية تخفيض أسعار الكتب، بل وإيصالها للشباب، كنقلة نوعية في زيادة الوعي بأهمية القراءة، خاصة في الأوساط الشبابية. وقال: لكن وللأسف، فمنذ أكثر من 5 سنوات ونحن نسمع بأن جمعية الناشرين ستدعم مشروع التشجيع على القراءة، إلا أن ذلك لم يتحقق حتى الآن. كلمة اليونسكو وحول جهود الجهات الداعمة للثقافة والقراءة وصناعة الكتب، دعت إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لمنظمة اليونسكو التي تزور المملكة حاليا، في كلمتها الخاصة باحتفالية اليوم العالمي للكتاب، إلى الاهتمام بالكتاب، قائلة: «إن الكتاب، أيا كان شكله، يجسد الأفكار والقيم التي يرى فيها الرجال والنساء أنها جديرة بأن تنقل إلى الآخرين، كما أن الكتاب أداة قيمة لتبادل المعارف وللتفاهم والانفتاح على الآخرين والعالم»، مضيفة: «تبتغي اليونسكو أن توفر كل السبل للانتفاع بهذه الإمكانات العظيمة، من خلال مضاعفة الجهد في محاربة الأمية لدى الأطفال والكبار بلا هوادة، وتعزيز السياسات الثقافية للدول الأعضاء في المنظمة. الافتقار للدعم من جهته، اعترف رئيس جمعية الناشرين السعوديين نائب رئيس اتحاد الناشرين العرب أحمد فهد الحمدان، بتقصير الجمعية في تلبية تطلعات الشباب وتشجيعهم نحو القراءة، قائلا: إن كل ما طرح من آراء هي في صلب أهداف ورؤية الجمعية، ولكن اعترف أننا مقصرون في تحقيقها، فنحن لم نحقق ما يطمح فيه الشباب حتى الآن، لأننا نفتقد للدعم المالي واللوجستي الذي يحقق أهداف الجمعية. مستدركا: أن الجمعية بالتعاون مع أمانة مدينة الرياض ووزارة الثقافة والإعلام والنادي الأدبي في الرياض، ستقيم اليوم معرضا للكتاب في شارع الستين بالعاصمة، مخصص لفئة الشباب، ويفتتحه وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية الدكتور ناصر الحجيلان، بحضور وكيل أمانة الرياض الدكتور إبراهيم مبارك. وأضاف الحمدان: «هذا المعرض هو الأول الذي تقيمه الجمعية للشباب احتفالا باليوم العالمي للكتاب، وسيتضمن مقهى ثقافيا وأمسيات شبابية، وخصم 20% من أسعار الكتب لصالح الجمعيات الخيرية.