من الواضح ان هناك عزوفاً شديداً عن القراءة وعن زيارة المكتبات والسبب شديد الوضوح فالأطفال معلقون بالتلفزيون والشباب منقطعون إلى الانترنت والبنات يتابعن المسلسلات. ويقول محمد العبيكان ان الكتاب يحتضر في هذه الأيام والسبب ثورة المعلومات والقنوات الفضائية والفيسبوك والآيباد والإنترنت. وحيث انه لا يمكن ان تكون ثقافة وعلم وأدب دون كتاب لذا فقد ضعف مستوى الثقافة لدى الشباب وانعكس ذلك الضعف على المقالات الصحفية والكتابات الأدبية فضعفت الأساليب ووهنت الافكار وتقاصرت المؤلفات الأدبية. اين نحن من تلك الأجيال القديمة التي كانت تستمتع بقراءة الروايات ودواوين الشعر وكتب التاريخ وروائع الأدب وكانت تدخر من مصروفها لأجل شراء كتاب ثم تتداوله الايدي حتى تكاد صفحاته ان تتمزق من كثرة القارئين. صحيح ان سوق الكتاب السعودي هو أقوى سوق عربي بشهادة الناشرين اللبنانيين وصحيح ان معرض الكتاب بالرياض من ازحم معارض الكتب وأكثرها مبيعاً إلا ان ذلك لا تترجمه اهتمامات الشباب والشابات فلا نرى فيهم حب القراءة ولا الحرص على اقتناء الكتب. وهناك تناسب عكسي بين مشاهدة التلفزيون وحب القراءة فالأطفال المغرمون بالتلفزيون لا يحبون القصص ولا حتى مجلات الأطفال بينما نجد الأطفال الذين لا يحبون التلفزيون مغرمين بالقراءة وحريصين على اقتناء القصص والمجلات. ولا وجه للمقارنة بين جيل الانترنت والتلفزيون وجيل القراءة والكتاب فالنوع الأخير معلوماته غزيرة ومداركه واسعة وتفكيره منظم وتصرفاته حكيمة. ونشاهد في أمريكا الإعلانات التي تحض الآباء على تشجيع أطفالهم على القراءة واخذهم للمكتبات لانهم يعرفون ان العقول الممتازة تصنعها الكتب والموسوعات وان معلومات الانترنت والتلفزيون معلومات سطحية لاتصل حتى إلى قشرة الدماغ فضلاً عن تلافيفه. بل وتضاعفت اعداد الفضائيات العربية المخصصة لافلام الكرتون وأناشيد الأطفال فما هي الفوائد التي سيجنيها الأطفال العرب من قضاء الساعات الطويلة مع هذه الترهات. وهناك مجلات مفيدة ومسلية للأطفال ولقد اشتريت مؤخراً لأطفالي مجلة العربي الصغير فوجدتها زاخرة بالقصص المسلية والمعلومات المفيدة والصور الملونة ولكن أطفالي لم يهتموا بها ولم يتصفحوها كما تصدر المجلة الجغرافية الشهيرة ناشونال جيوقرافي من مصر مجلة عربية للأطفال وهي مجلة ممتعة وغنية بالصور والمعلومات ويغني عدد واحد منها عن مائة ساعة أمام التلفزيون ولكن اين القراء واين القارئات؟. ولقد اكتشفت مؤخراً شيئاً مهماً سأخبر به القراء وهو انني خصصت غرفة بالبيت لمن يريد مشاهدة التلفزيون كما تخصص المطارات غرف للمدخنين واكتشفت ان الأطفال لا يحبون التلفزيون إلا في وجود الأسرة بكاملها لهذا انخفضت ساعات مشاهدتهم للتلفزيون إلى النصف وستنخفض أكثر مع مرور الوقت. كما اتمنى ان نشجع القراءة واقتناء الكتب بتخفيض الرسوم على الناشرين بمعارض الكتب أو حتى الغائها ليكون الكتاب في متناول الجميع كما أتمنى ان يعود الكتاب مرة أخرى لموقعه المرموق كخير جليس في الزمان.