لا يزال إنشاء صندوق الأدباء السعوديين حلما مؤجلا يراود الأدباء والمثقفين في بلادنا بين حين وآخر.. وظل هذا الملف حائرا أمام وزارة الثقافة والإعلام وعصيا على تجسيده في أرض الواقع فحضر هذا الملف في أكثر من مؤتمر وملتقى تقيمه الوزارة؛ لكنه لايرى النور.. ويبقى السؤال قائما متى يتحقق ذلك الحلم؟ وهل ثمة صعوبات تقف عاجزة أمام تحقيقه؟؟ «عكاظ» استطلعت آراء عدد من الأدباء والمثقفين وتحدثوا عن صندوق الأدباء.. في البدء تحدث الروائي والكاتب عبدالحفيظ الشمري يقول: حلم إنشاء صندوق الأدباء لم يعد مجديا.. كونه حالة مادية صرفة.. تشك أنه سيحقق معادلة إنسانية جميلة تعيش في ذات هذا السائل وسؤاله، فالصندوق ومن فكرته الأولى التي لا أعرف للأسف منبعها لأحييه على هذا الشعور الجميل، إلا أنني أتشاءم كثيرا من فكرة نجاح هذه المشاريع الجميلة المبطنة بوعاء مالي؛ لأنه والله العظيم لن تسلم من تقصيص وتهذيب وترحيل وتفنن في أخذها وردها وشفطها طالما أنها حوزة لضعيف أو مكسور جناح على نحو أديب محتاج أو قاص مريض أو روائي يشهد في سنين عمره حاجة تقيه عثار الحاجة. ويضيف الشمري: في اعتقادي أن الصندوق سيكون حاله كحال بعض مشاريع ثقافية كتب عنها ولم تر النور حتى الآن، رغم أنه رصد لها الكثير من الأموال ولم تفعل أو يظهر لها أي داعم حقيقي، فلا أعرف حقيقة ما الذي يمكن أن تقدمه وزارة الثقافة لهذا المشروع الإنساني الجميل، ولو أنني لا أرى أن الأندية الأدبية قادرة على القيام بمثل هذا العبء طالما أن الداعم الحقيقي ممثلا برجالات المال لم تصلهم الفكرة بعد، وإن جاءتهم فإن لهم الحق في التوجس ممن سيمسك بزمام هذا الصندوق بكل شفافية ووضوح لعله يحقق أهم أهدافه.. أما الروائي والقاص علوان السهيمي فيقول أتصور بأن مثل هذه الفكرة الإنشائية والرومانسية الجميلة لن تتحقق إلا في ظل مزيد من الدعم للأدب باعتباره جزءاً مهما من حياة البشر. ويضيف السهيمي بقوله: لكن دعنا نطرح سؤالا مهما: ماذا يمكن أن يستفيد الأديب من صندوق كصندوق الأدباء هذا؟ أتصور بأنه لا شيء، فالأديب لا يحتاج إلا إلى الفضاء والحرية للانطلاق، ويحتاج أن يتم الاهتمام به ليبدع، وأن يتم تفريغه للاهتمام بمشاريعه الكتابية، فأنا لا أؤيد أبدا فكرة كهذه، إنما أؤيد فكرة أن تقوم الوزارة بالتواصل مع جهات الدولة الأخرى في سبيل تفريغ المبدعين لكي ينجزوا شيئا جيدا يحسب للأدب السعودي، ويضيف للأدب الإنساني، فأما هذا الصندوق فهو سيوفر المال، وبماذا يفيد المال إذا كان المبدع نفسه يعيش في فضاء ضيق، فالأولى أن تهتم الوزارة بالفضاء المفتوح، وليس بالمال، فالمال لن يصنع أدبا جيدا إطلاقا. ويقول المسؤول الإداري بنادي تبوك الأدبي الشاعر عبدالرحمن الحربي: يجب علينا ألا نعول على وزارة الثقافة في تنفيذ أي مقترح يرتبط في تنفيذه بالمادة مادامت ميزانيات المؤسسات الثقافية التابعة لها ما زالت تعاني من اقتطاع اعتاده المسؤولون في الوزارة كل عام ؛ فعلى مستوى الأندية الأدبية مثلا اقتطعت الوزارة نصف ميزانية الأندية الأدبية بقرار مرتجل بحجة الاكتفاء بالدعم الملكي ، إضافة إلى التأخير في تأمين الميزانيات من قبل الوزارة ، وتعطيل تثبيت ما لا يتجاوز الخمسين موظفا فقط على مستوى المملكة في جميع الأندية الأدبية وهو الأمر الذي لا يمكن من خلاله أن نشعر بأمل في إنشاء مثل هذه الصناديق . إن صندوقا كهذا يجب أن تشكل له لجنة استشارية ومجلس إدارة من قبل الأدباء أنفسهم لا من قبل جهة رسمية وأن يصدر له قرار ملكي يسرع تنفيذه. أما الشاعر والباحث عبدالله بن صالح بن مريس الحارثي فيقول ليس هناك من شك أن مثل هذه الصندوق يدعم الكاتب والأديب إذا كان التنظيم له جادا ومدعوما ومازلنا نذكر كيف كانت ظروف شاعرنا الكبير محمد الثبيتي يرحمه الله الذي واجه قسوة الحياة ولم يقف إلى جانبه أحد. ولكن دعني أقول لك إننا نحتاج إلى صناديق أخرى فالأديب يحتاج صندوقا ومثله الأكاديمي يحتاج إلى صندوق والإعلامي صاحب الظروف الخاصة ماذا قدمت له هيئة الصحفيين؟ الأديب الآن يحتاج إلى وقف جادة من وزارة الثقافة والإعلام وهي التي باستطاعتها الوقوف إلى جانبه متى ما أرادت.