نظرا لتسارع الزمن، يجد الإنسان معاناة ومشقة كبيرة في اللحاق بعجلته، وما يزيد الكبد كبدا، أن السن القانونية لإنسان هذا الزمان لا تتوافق مع نضجه الطبيعي، وهذا سبب العديد من المشكلات والاضطرابات والأخطاء الغير مبررة قانونيا، ولكنها مبرره إكلينيكيا وفسيولوجيا، فما نشهده من التجاوزات والأخطاء في شتى المجالات الحياتية، سواء كانت علمية أو عملية أو اجتماعية، في زمن توفرت فيه المعلومة وأصبح من اليسر والسهولة الحصول عليها، إضافة إلى ما تقوم به الدول من الجهود الجبارة للارتقاء بمستوى التعلم، إلا أننا نلحظ عدم نضج هذه المخرجات، ومن المعروف أن النمو عند الإنسان هو المحصلة لكل من النضج الطبيعي والتعلم أي أن النمو = النضج × التعلم. فالنضج: هو إنطلاق الخصائص الكامنة في الفرد الجسمية والعقلية منها، وهذا الذي لم يحدث نظرا لتسارع الزمن، فابن العشرين اليوم ليس ابن العشرين بالأمس، ففي الأمس كان الجد شيخا مسنا أما اليوم فهو شاب في عز شبابه ونظارته، السؤال الذي يطرح العديد من التساؤلات: لماذا لا يعاد النظر في السن القانونية لإنسان هذا الزمان المتسارع، و لماذا نعيش على خطة عمرية بالية لا تتوافق مع تغيرات هذا الزمان؟ وأن ما يحدث من أخطاء سواء طبية أو هندسية أو اجتماعية مثل الطلاق والعنوسة وعدم تحمل المسؤولية .. إلخ هذه القائمة من الأخطاء التي تعاني منها المجتمعات، والتي سببها يعود إلى عدم النضج الطبيعي، فالنضج هو من يجعلنا على قدر من الوعي بالمسؤولية، والتعلم مسألة تطويرية، فجهودنا اليوم (كمن ينفخ في قربة مخرومة) إن لم نعيد النظر في السن القانونية لإنسان هذا الزمان المتسارع، وكما قال سكوت scott، إذا كان الطفل غير مستعد للتعلم فإن التعلم يصبح مضيعة للوقت والجهد، وقد يؤدي إلى تعلم عادات سيئة أو تعلم ألا يتعلم وكلاهما سيكون معوقا، وهذا ما نلمسه اليوم ونعانية، وتتكلف الدولة أعباء التدريب والتعليم من جديد لمخرجات يفترض أنها أصبحت ناضجة وما عليها إلا العمل على تطوير نفسها بنفسها، ولكننا اليوم نلحظ حتى قرار الاختيار لا يملكونه فما بالك بالمسؤولية، ولا نلومهم فهم مازالوا صغارا نعم نضجوا تعليميا ولكنهم لمن ينضجوا طبيعيا. فهلا نظرتم أيها المقننون وأعدتم دراسة هذا الموضوع وفق تسارع زماننا، لنعيش في سعادة وتوافق ونقدم المزيد والمزيد فلا تشيخونا قبل الأوان. أمل مغربي (جدة)