الوعاء المخروم لن يحافظ على الماء.. سيهدره بالطبع، وسنخسر كل لتر نسكبه فيه بغية ملئه.. والخطوة الأولى هنا هي معالجة هذا الخرم وسده.. حينها سيمتلئ مع أول لتر نسكبه فيه. في السنوات الأخيرة «سكبت» علينا الميزانيات السنوية العديد من المشاريع المليارية التي نريد منها ملء وعاء التنمية، ولكن هل نحن متأكدون من أن وعاء التنمية غير مخروم؟ كل خطة خمسية اعتمدت في العقود الأخيرة كانت تعد بملء الوعاء ولكن دائما ما تنتهي السنوات الخمس والوعاء فارغ.. لمَ لا نتوقف قليلا ونحاول الكشف عليه قبل أن نحاول ملأه بخطط مهدرة؟ لمَ يرى الجميع مشاريع ضخمة بالمليارات ولا يرى نتائجها واضحة بوضوح مبالغها الفلكية إلا في وسائل الإعلام؟ هناك مشكلة بأدوات التنفيذ والرقابة.. لا بد من مراجعة كل أدوات التنفيذ ابتداء بالدراسات التمهيدية مرورا بطريقة طرح المنافسات وليس آخرا في طريقة التنفيذ ومتابعته.. لا بد من مراجعة كل ذلك وإعادة دراسته وكلها أنظمة قديمة جدا. أما الرقابة فليست أقل بؤسا؛ فهي تعتمد تماما على مخرجات نظام التنفيذ وليس لها إلا أن تتابع تسلسلية التنفيذ بحسب النظام الموجود وهذا تكريس للخطأ. نتحدث هنا عن مئات المليارات التي تهدف إلى البناء ومعالجة الأخطاء التنموية.. ونحن مستمرون في الإهدار ما دام الوعاء كما هو مخروم، ومعالجته لن تحتاج إلا إلى التوقف قليلا وإعادة بنائه للمحافظة على مكتسبات الوطن وإعادة الموثوقية بخططه التنموية والاستفادة منها. ليس وعاء نظام المشتريات والرقابة هو المخروم فقط، فهناك الكثير من المؤسسات الحكومية التي تشتكي من «خروم» في أنظمتها، والتي تجعل الاستفادة من مخصصاتها أقل من المأمول.. وآخر هذه المخصصات هي ما أعلنه الملك عبدالله حفظه الله لصندوق التنمية وهيئة الإسكان وبنك التسليف والأندية الرياضية والأدبية والضمان الاجتماعي وغيرها.. وبحسب تقارير اقتصادية، فإن كلفة الأمر الملكي تلامس ال 131 مليار ريال وهو مبلغ ضخم يوازي ميزانية دولة.. ولكن هل أوعية هذه الجهات الحكومية غير مخرومة؟ هل أنظمة صندوق التنمية وهيئة الإسكان تضمن الاستفادة القصوى من هذه المخصصات لحل مشكلة الإسكان؟ والكلام ينطبق على باقي الجهات.. جواب هذا السؤال هو الطريق لملء وعاء التنمية.