«وحينما تقتربين مني أشعر بذلك، ليس بسبب الصوت الذي تصدره قدماك وأنتِ قادمة، بل بسبب رائحتك الجميلة. آه يا حبيبتي لو تعلمين كيف يطلب العشاق طعامهم! كذلك شفتاك رائعتان، وأحبك حبا جما، إنه موعدنا الحزين يا حبيبتي!». بعد هذا المقطع الشعري، وهو من أجمل قصائده كما أخبره بذلك صديقه الناقد، يبدأ حديثه عن «الإبستمولوجيا» وأثرها على تفكيك الشعر الحديث في القرن العشرين، يواصل الحضور تصفيقهم وهتافهم – معظم الحضور من أصدقائه المثقفين الآخرين -. وفجأة يرددون بصوت واحد: «عاوزين البنيوية..عاوزين البنيوية». وقتها يبتسم ويرفع نظارته السميكة، ويواصل حديثه الممل الذي لا ينتهي أبدا. لا يوجد في العالم الحديث شيء أسوأ من سرقة سيارة شخص تحتوي على أبنائه وبطاقة الصراف الآلي سوى «المثقف العربي» الذي ينافس بسوئه بشكل منقطع النظير. ذلك المثقف الذي يعيش في عالم «بينه وبين نفسه» وبمبادئ مطاطية سرعان ما يجد المبررات والأسباب التي جعلت منها مبادئ «سفري»، يتسول الوجاهة تماما كما يتسول حضور أمسياته، وكل تصرف يفعله يجعلك تفكر قائلا: دعك من الثقافة، هل يحسن هذا الرجل القراءة بالفعل؟ شباب «جوجل» و «الفيسبوك» و «تويتر»، نضجوا وقاموا بالفعل بتجاوز كُل النخب التي وجدوا آباءهم يقدسونها؛ لذلك لا تستغرب حينما يُعلق فتى يمسك بجهاز «البلاك بيري» مُنشغلا، على حديث أحد الذين يُشار إليهم بالبنان ويقول: «وش يحس فيه ذا؟» أو يُردد مبتسما ابتسامة ساخرة ويردد: «مع نفسك يا حبيبي!».ولا تستغرب أيضا إذا بُث حديثه ب «برودكاست» ساخر، أو صنع من أجله «هاش تاق» تلقى فيه النكات بواسطة الفتى ومجموعة من أصدقائه على هذه الشخصية الألمعية المُدهشة.إنه جيل جديد يتداول الحقيقة بين يديه، وتبعد عنه عدة «ضغطات»، ولم يعد يهتم بآراء أي «نخبوي» كائنا من كان!. جيل جديد لم يعد يرضع الحماقات، إما أن تسير بنفس سرعته، ونضجه. وتشاركه الاهتمامات البشرية المهمة، وتخبره بالحقيقة كاملة، أو أنه سيتجاوزك – وقد أثبت ذلك مرات عديدة -، حينها ستبقى «مع نفسك يا حبيبي!»، أنت ومعشوقتك ونظرية «الإبستمولوجيا»!.