يبدو أن المخرجة اللبنانية نادين لبكي، تعول كثيرا على دور المرأة في إيجاد الحلول لإشكاليات ترى أنها تستحق أن تكون حبكة لفيلم سينمائي؛ فبعد أن عايشنا قصة نسائها الخمس في فيلمها الاجتماعي الأول «سكر بنات»، ها هن نسوتها يلعبن مجددا البطولة المطلقة في فيلمها الثاني «هلا لوين» الذي انقسم حوله النقاد بين مؤيد للمرأة وحقوقها وبين معارض لصورة الرجل الخاضع وغير القادر على اتخاذ قرارات مصيرية فيما يخص السلم الأهل ومستقبل الوطن والأبناء. تبدأ أحداث الفيلم بلوحة جنائزية لنسوة الضيعة وهن يرقصن ألماً على أطراف المقابر، هذه «المشهدية الممسرحة»، وعبر هذا المشهد تمكنت المخرجة من تجسيد لوعة أرامل وثكالى وضحايا حرب عبثية مزقت الوطن، وخشية تلك النسوة أن تصل «الشرارة» إلى الضيعة المعزولة، فكن يجتمعن كل يوم في قهوة أمال (جسدت دورها نادين لبكي) في محاولات تنوعت بين الكوميديا والدراما، لدفن الفتنة التي وصلت شرارتها سريعا إلى الضيعة مع جهاز التلفاز الذي أحضره شابان يعملان على دراجة نارية بنقل البضائع من وإلى العاصمة، فتبدأ المشاحنات والاستفزازات اليومية بين الأهالي لأسباب تعمدتها نادين أن تكون «واهية». بين الحادثة والأخرى، صورت نادين نسوتها على أنهن العقل المدبر ومنحتهن الحق باستخدام الحيلة تارة لفرض التهدئة، وتارة أخرى بررت لهن أسلوب التعمية الذي مارسنه على رجالهن (بإشارة من المخرجة على أن النساء هن المدخل إلى حل المشاكل في المستقبل بعد فشل الرجال على إيجادها). فكن يجدن في كل مرة حلا مناسبا لإلهاء رجال الضيعة عن فكرة الاقتتال، أمام تفاقم التعصب الديني والصراع الطائفي اللذين كانا سيجلبان العواقب الوخيمة. إلى المقبرة مجدداً تذهب نادين بأبناء الضيعة المتخطين لانقساماتهم ليدفنوا شرارة جديدة من الفتنة المتأججة (الشاب نسيم الذي قتل برصاصة طائشة) فيتوجه الرجال إلى نسائهم بالسؤال: «هلا لوين؟» هذا السؤال ردت عليه نادين مراراً: «لا أمتلك الإجابة»، كونها تريد أن ترمي على عاتقنا «مسؤولية ما» وسط غياب العقل لدى الرجال. !!Article.extended.picture_caption!!