حديث الملك عبدالله بن عبدالعزيز حول الأممالمتحدة، هو تأكيد على أن لا يضيع دم الشعب السوري في الصراعات وفي لعبة الأمم وتصحيح لمسار المنظمة الأممية ومحاولة جديدة وجدية لوقف المجازر المتمادية والتي ترتكب بحق الشعب السوري سواء في حمص أو غيرها من المدن، ضمن مبادئ الحلول المتفق عليها سابقا لإيجاد حل للأزمة السورية لإيقاف هذا الدم الذي يسيل كالأنهار والعالم يتفرج، والحديث يكشف أيضا عن حيوية الموقف السعودي من الأزمة السورية الراهنة المستفحلة والفيتو المزدوج الروسي الصيني على القرار العربي الغربي في مجلس الأمن مؤخرا. وفي الحقيقة نحن لم نلمس أي تحول في الموقف الروسي حتى الآن، ولا أدري إذا كانت هناك تأثيرات جديدة تستطيع الدول العربية أن تمارسها من أجل أن تغير موسكو موقفها في المستقبل رغم صعوبة ذلك، فموقف المملكة عما يجري في سوريا يشكل صوتا عربيا وعالميا مهما جدا، فهي ذات وزن وصوت مسموع في الحياة السياسية العربية والمحافل العالمية وفي الدفاع عن المصالح العربية، وفي سياق علاقاتها مع دول العالم. والصوت السعودي لا يريد أن يغض النظر عن هذه المذابح وكان دائما ينشط على أكثر من جبهة واتجاه لدعم قضايا الأمة كما حصل في اليمن عبر دعم المبادرة الخليجية التي أوقفت نزيف الدم في اليمن. وهناك إجماع عربي مؤيد للمملكة حيال مواقفها عما يجري في سوريا، ونحن شاهدنا مؤخرا أنه عندما ذهبت الجامعة العربية في قرار حول سوريا إلى مجلس الأمن لاقت شبه إجماع عربي على ذلك، ولم تشهد أي اعتراض سوى من دولتين، فالموقف العربي موحد خصوصا أن مجلس التعاون يعمل ضمن أجندة واحدة لتحقيق المصالح العربية، والدفاع عن قضايا الشعوب، والمهم أن الضغط السعودي والخليجي والعربي يعكس وضوحا أن هناك إصرارا على إيجاد مخرج للأزمة الراهنة وتحقيق مطالب الشعب السوري. وفي الحقيقة أن الموقف السعودي ليس جديدا من الأزمة السورية ولكنه الآن يطرح بزخم جديد على ضوء التداعيات الميدانية الخطيرة في سوريا، ولا نستطيع أن نعزل موقف مجلس التعاون الخليجي عن موقف المملكة ولا نستطيع أيضا أن نعزل موقف الجامعة العربية عن موقف المملكة، ولكن الآن هناك زخم جديد نأمل أن يكون في مراكز القرار لمحاولة الوصول إلى نتائج مختلفة عن النتائج المخيبة التي حصلت في الاجتماع الأخير لمجلس الأمن. لقد وجدنا في موقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، كلمات تحمل الكثير من الاستياء على سلبية الأممالمتحدة، واستخدام الفيتو من قبل روسيا والصين ضد القرار العربي الغربي. وما جاء على لسان الملك عبدالله شكل رمزية خاصة ورسالة تحمل الكثير من العناوين لمشاعر الأمة العربية كما جاء الموقف السعودي في الأممالمتحدة ليؤكد إصرار الرياض على متابعة المواجهة دفاعا عن الشعب السوري. أما الموقف الروسي فهو ينطلق من اعتبارات لها علاقة بالوضع الداخلي الروسي من جهة، ومن الذاكرة التاريخية لهذه الدولة بصفتها دولة عظمى والآن ترى أن نفوذها يتهاوى، ولهذا السبب لا تقيم الوزن الكافي لحجم الكارثة داخل سوريا، ونحن نعلم أن روسيا تنتظر أثمانا للفيتو ولكنني أرى في القرار الروسي موقفا فيه الكثير من العناد الذي يسيء كليا إلى سمعة الاتحاد الروسي، وكأن هناك حسابات أبعد من الحدود الآنية ويمكن أن يكون مرتبطا بموضوع أوروبا والدرع الصاروخي والمصالح في المنطقة إضافة إلى ما حصل في ليبيا، فكل هذه الأمور تتراكم لتشكل عقدة لروسيا وهي بالتالي تحاول أن تنتقم من كل هذه الأمور التي حصلت في الماضي.