تستهوي أهالي الباحة الكثير من الأماكن سواء في السراة كما يسميها أهل المنطقة أو الحجاز كما يسميها البعض (المناطق الجبلية) التي تمتاز باعتدال الجو في الصيف وشدة البرودة في الشتاء أو كانت في تهامة (المناطق الساحلية) التي تمتاز باعتدال الجو شتاء وحرارته صيفا والتي يجتمعون فيها ويتبادلون السمر والسواليف. «عكاظ» زارت إحدى جلسات واجتماعات أهالي المنطقة التي تقع في سراة الباحة وتحديدا في وادي الحبارى بمحافظة المندق أحد أشهر الأودية في المنطقة والتقينا بداية بمعيض مديس معلم لغة عربية وسألناه عن سبب اختيار هذا الموقع فقال «أنا من محبي الإبل بل ومن عشاقها ولدي في هذا الوادي قطيع من الإبل أعمل على رعايتها والاهتمام بها حيث أوفر لها ما تحتاجه وآتي بشكل شبه يومي إلى هذا الموقع وأصبح من الأشياء المهمة في برنامجي اليومي ولا أبالغ إذا قلت بأنه أصبح شيئا أساسيا». وعن سر عشقه للإبل خصوصا وأن أهل المنطقة (السراة) عادة ما يهتمون بامتلاك الضأن والبقر قال «هي قصة قديمة منذ نعومة أظافري حيث كنت برفقة والدي في زيارة لأهل البادية وشاهت الإبل لأول مرة فأعجبت بمنظرها واحضر لنا صاحب الإبل شيئا من حليبها الذي كان له مذاق رائع ومنذ ذلك الوقت لما يفارق خيالي منظر تلك الإبل فقمت بشراء مجموعة من الإبل وأنا مازلت طالبا في الكلية». وحول توفر المرعى أشار إلى أن هذا العام شح في الكلأ وأجدبت الأرض إلا من شيء قليل ولكن اعتمد على الله ثم على ما يشتريه لها من الأعلاف التي باتت أسعارها تكلف الكثير وكما يقال في المثل الدارج عن اقتناء الإبل بأنها (الفقر المحبوب) فرغم أنها تأخذ أكثر مما تعطي ولكن حبها يجعلك لا تأبه بما تنفقه عليها. العم عاشور حبيب (أحد سكان الوادي القدامى والأكبر سنا بين الحاضرين) حدثنا عن حضوره إلى هذا الاجتماع بسبب حبه للجلسات البرية وشرب الشاي المعد على الجمر متذكرا حال هذا المنطقة قبل عشرات السنين حيث كانت من أجمل المناطق وأخصبها من حيث توفر المياه والمرعى التي كانت لا تنقطع طوال العام. سامي حسن (أحد المداومين على الحضور) أفاد أنه يأتي لشرب حليب الإبل الذي يحضره الراعي إبراهيم، وعن كيفية شربه للحليب بدون تعقيم أوضح أنه يتم (نجر الحليب) وذلك بتسخين نوع معين من الحجارة لدرجة عالية ثم توضع في الحليب ليصبح جاهزا للشرب. محمد العصيمي يقول «جمعني حب الإبل واقتنائها مع أبو نايف، ومعيض مديس، وغالبا نتداول الحديث عن الإبل وأنواعها وصفاتها وأسعارها وأحرص على الحضور هنا ومشاهدتها والاستمتاع بالجلسة البرية وشبة النار التي تمدنا بالدفء في هذه الأجواء البادرة». عبد المحسن حسين رغم أنه دائما ما يمتنع عن شرب حليب الإبل إلا أنه دائما ما يحضر هذه الجمعة يقول عبد المحسن أهوى الجمعات الشبابية لكسر الروتين اليومي والتغيير واعتبر هذا المحل متنفسا لي بعيدا عن الالتزامات العائلية. وأخيرا تحدث يحيى عيفان عن قطعه مسافة كبيرة للحضور إلى هذه الجمعة للاستمتاع بجمال الموقع الذي يطل على أحد أهم السدود في المنطقة بالرغم من برودة الأجواء واستبعد يحيى أن تكون هذه الجلسات تأخذهم من أسرهم وأطفالهم والتزاماتهم. بالرغم من وعورة المكان الذي يجتمعون فيه وبعده عن الخدمات العامة إلا أن الجميع كان سعيدا بتواجده وحريصا على الحضور إليه ووجدوا فيه متنفسا يبعدهم عن صخب الأنوار وضجيج المركبات الكل أجمع على عشق الطبيعة وحب الهدوء وسماع السواليف التي تقطع وقتهم وتنفس عنهم أعباء يوم طويل من العمل.