يخطئ من يعتقد أو يتصور أن الحال دائم وأن الارتهان لواقعه رضى وقناعة، بل هي أيام تتداول تختزن في دواخلها التمرد والنفور، قد يكون هذا الواقع، لكن التنفس والانعتاق أمل تحلم به كل الأندية للخروج من هكذا تأزم. أجدني لا أتفق لدرجة الاختلاف مع صالح الطريقي من أن الرياضة مرآة ثقافية للمجتمع على اعتبار أن جزءا من سلوكها مستورد أو طارئ، نعم هي تكشف درجة التعاطي والانصهار في ملذات الفوز وانكسارات الهزيمة لكنها ليست شرطا أن تكون متأصلة كثقافة، كما أن هذه الثقافات أراها متجزئة، فثقافة الأهلاويين تختلف كليا عن ما هي عند الهلاليين وكذا الاتفاقيين، هذه الثقافة ترتكز على بنية النادي كيف نشأ، ما هي النخبة التي أسسته، كيف تأسس، ما هو المنهج السائر عليه، من يؤطر سياسته، لذلك لا استغرب حينما ابتسم الأهلاويون أعوام 1410، 1416، 1418، 1424ه، تقبلوا غدر الزمن وتقلب الحكام في هذه الأعوام وخرجوا من نزالات البطولة بابتسامات المنتصر، بالرغم من سلب هذه البطولات، ذاك أن الثقافة التي بنوها وتعايشوا معها مارسوها كسياسة أن للقوي صولات لكن الأيام تظهر زيف هذه البطولات الوهمية. الهلاليون يختلفون أو لديهم سمة يرون أن كل بطولة أو مسابقة هي حق لهم، على اعتبار أن تكوينهم يتفرد باغتصاب كل ما يلاقونه، احتفلوا ببطولة يد النزهان، وببطولة (التبديل) التي تم فيها تغيير الحكم قبل اللقاء بسويعات، هم لا يدخلون الميدان بأقدام لاعبيهم فقط بل يستحضرون كل المؤثرات، فإما الانتصار أو البكاء حد العويل، هذا العام عاد المنافس جميلا كجمال نفسه وأخلاقه، هم يعرفون أنهم لايجارونه لذلك لم تكن أحداث التعاون لمجرد خسارة نقطتين بقدر ما هي تأثير مسبق وتعسف لحقائق يرون أنها لا تتماشى وحراكهم الذي لا يستقيم ما لم يصلبوه بصافرات خارجية. كما أن سيرة هذا الموسم تأتي بهم في ذيل القائمة على اعتبار أنه ما يقدمونه من مستويات لا تليق بأي بطولة تسمى باسمهم، فيما يقدم الأهلي هذا العام أفضل مستوياته، وما يزعج الهلاليون أنهم يرون في الأهلي منافسا لا يمارس نفس الدور الذي ألبسوه للاتحاد وقبله النصر. لقاء الغد هو منعطف هام لكن اللقاءات القادمة هي أهم أيضا للأهلي كحزمة لا تتجزأ واللعب على أن كل نزال هي بطولة بحد ذاته هو فكر احترافي لابد أن يتسلح الأهلاويون به، بل بكل عناصره ابتداء بالشريك الأساسي والمؤثر الجمهور، كما أن على الإدارة الفنية واللاعبين أن لا يرتهنوا لأي مؤثرات خارجية أو حتى ينظروا للقاءات الأندية الأخرى على اعتبار أن هناك عبثا يمارس لتشتيت هذا التركيز الأهلاوي، فالمنافسة لم تعد نزال 90 دقيقة في الملعب، بل أصبح الإعلام والمدرج عاملين رئيسيين في العبث بمكونات الفريق باعتباره أكثر تأثيرا، وما يمارسه الإعلام الهلالي نموذج لهكذا مخطط يسير وبنسق متكامل في هذا الاتجاه.. وعلى الهلاليين التعايش مع زمن سينضب وصوتهم سيختفي، وبالتالي تجف بطولاتهم إلا من غدير عابر.