من يزر بحر جازان تنتابه الحيرة عند مشاهدة حافلات نقل الطالبات، تتوزع في عدة مواقع على الشاطئ، وكأنها في انتظار نقل راكباتها من وإلى المنازل ومدارسهن، لكن مكمن الحيرة أن لا هناك منازل أو مدارس، وإن لم يكن هذا ولا ذاك، فلم الانتظار على شاطئ البحر، هل كل هذا عشق لهدير الأمواج؟ أم تراهم يقضون وقت فراغهم في صيد الأسماك؟ الحقيقة التي أسعدت الكل بالتطور المتسارع لمدينة جازان والمنطقة عموما، ومشاريعها التنموية والحيوية مثل جامعة جازان والمدينة الاقتصادية والمدينة الطبية، وما رافقها من مشاريع استثمارية، كل ذلك كان سببا في ارتفاع أسعار إيجار العقارات في جازان، وهو ما أحزن سائقي الحافلات رغم فرحتهم بتنمية المنطقة، إذ أنهم يعجزون الاستئجار في ظل محدودية دخلهم، وهم الذين عملوا على الحافلات لتحسينها، فما كان منهم إلا أن اتخذوا من شواطئ البحر محطة انتظار حينا، وموقع سكني في حافلاتهم حينا آخر. قائد الحافلة خالد أحمد من سكان محافظة صامطة قال «أعمل على حافلتي في نقل الطالبات من صامطة إلى مدينة جازان، ولارتفاع الإيجارات في جازان بشكل خيالي خلال السنوات الأخيرة، مع توافد العديد من أخواننا من خارج المنطقة، بالتزامن مع المشاريع التنموية الكبرى التي شهدتها أخيرا، وهو أمر يسعد الجميع، إلا أنه ساهم في إشغال الفنادق والشقق المفروشة وغيرها من المساكن بما يقارب نسبة 100 في المائة». وأضاف«معظم إن لم كل أصحاب الحافلات هم من ذوي الدخول المحدودة أو المتقاعدين أو العاطلين عن العمل، ولا يمكننا دفع إيجارات سكن في مدينة جازان، فما كان منا إلا التوجه إلى الشاطئ حتى يحين موعد انصراف الطالبات، ومن ثم العودة إلى المحافظات والمراكز المختلفة، وإعادة الكرة في اليوم التالي، فيما يضطر بعضنا الآخر من العاملين داخل نطاق المدينة ويسكنون خارجها إلى المبيت في حافلاتهم». عبدالله جحوري قال«عندما نجد أن إيجار غرفة واحدة في مدينة جازان يكلفنا 1500ريال وأكثر، ومقارنة بدخولنا المحدودة، فنحن نفضل المبيت على شاطئ البحر، كما أننا وبعض الزملاء رغم تعبنا وإرهاقنا نعمل على تحول الأمر إلى نزهة قدر الإمكان، والاستمتاع بالبحر ونسائمه، كما أنه أصبح نقطة لقاء تجمعنا نحن سائقو الحافلات نبحث فيها شؤون عملنا وما يتعلق به، وهو أمر كنا نفتقد له سابقا». ويضيف ضاحكا «بعضنا يعيش الرومانسية على شواطئ البحر ويكتب الشعر، وبعضنا في المياه ويصطاد الأسماك، وآخرون يستغلون أقل فرصة للراحة في النوم، المهم أننا نغسل أحزاننا في البحر ونجدد الروح لتحمل مشقة يوم عمل آخر».