أكد نائب الرئيس الإندونيسي البروفيسور يوديونو أن العالم اليوم يمر بثورة المعلومات وتقنية الاتصالات التي قضت على الحواجز الزمنية والفضائية. وأوضح في كلمته في جاكرتا البارحة في افتتاح المؤتمر العالمي الثاني للإعلام الإسلامي «تأثير الإعلام الجديد وتقنية الاتصالات على العالم الإسلامي.. الفرص والتحديات»، أن من بين المتغيرات السريعة في مجال تقنية المعلومات ظهور شبكات التواصل الاجتماعي بآثارها السلبية والإيجابية، مشيرا إلى أن هذه الشبكات أنشأت مؤسسات اجتماعية جديدة تخطت الحدود الاجتماعية والشارع العام، منشأة بذلك علاقات أفقية. وبين أن الإعلام الجديد ساهم في تقوية المجتمع المدني ومنحه حرية وتعبيرا أكبر، بما في ذلك انتقاد الحكومات بطريقة مباشرة ومفتوحة، ملفتا إلى أن الحكومات التي حدت من انتشار الديمقراطيات أخفقت في الاستجابة للأصوات الديمقراطية التي ساهم الإعلام الجديد في انتشارها ووجدت نفسها تواجه مصاعب جمة، وأرغمت خاضعة من الحركات الشعبية «سلطة الجماهير». ورأى نائب الرئيس الإندونيسي أن سيطرة الحكومة على الإعلام لم تعد ذات فعالية، فأجهزة الإعلام الجديد رغم صغرها لكنها عظيمة، والتقدم التقني مكنها من تقديم المعلومة في أي وقت، وساهم في توفيرها بكل سهولة في أي مكان، مشيرا إلى أن مواطنيه احتلوا المرتبة الثانية عالميا بعد أمريكا في استخدام شبكة «فيس بوك» و«تويتر» وهم الآن يعلبون دورا هاما في تصويب الحكومة ومكافحة الفساد والمطالبة بإنفاذ القوانين والمحافظة على الأطر الديقراطية والحكم الرشيد، «وهم وبمساندة من الإعلام الجديد يقودونا نحو الحكومة المفتوحة». وألمح إلى أن الإعلام الجديد يساهم في تعزيز الخدمات التطوعية الاجتماعية لجميع الفئات، وهو من وجهة نظر الأديان يقدم المساحات لإنشاء سلطات دينية جديدة، مطالبا العلماء والمفكرين والآباء إلى اليقظة للآثار المحتملة التي تحدثها شبكات التواصل الاجتماعي لدى الشباب والأطفال، ناصحا الآباء بأن يستبدلوا طريقة المنع والسيطرة على هذا الإعلام الجديد إلى التثقيف بما يؤهلهم لاستخدامها لصالح أطفالهم.وأكد أن تهديدات الإعلام الجديد المحتملة تتمثل في: الآراء المتطرفة، الراديكالية، والترويج للمخدرات والإباحية، داعيا العلماء إلى إصدار فتاوى تتوافق مع فكر الشباب تحد من تلك التهديدات، ومطالبا الحكومات الإسلامية لإيجاد طرق فعالة تحمي الأجيال. وفي ختام كلمته، أكد نائب الرئيس الإندونيسي «لقد خلق الله سبحانه وتعالى بشرا حباهم بالذكاء وأسبغ عليهم ملكات تحسين أوضاع حياتهم، عبر تطور وتقدم إعلام التواصل الاجتماعي»، مضيفا «لنعمل سويا على أن نجعل هذا الاختراع التي تفتقت عنه العبقرية البشرية مفيدا للإنسانية جمعاء ولا يخص المسلمين في جميع أصقاع الأرض». من جانبه، أوضح الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي أن الدول الإسلامية تواجه تحديات جديدة، وعليها أن تتحد في مواجهة هذه التحديات، وأن تمتلك ناصية الإعلام الحديث وتكنولوجيا التقينة لتحقيق مساواتها مع العالم المتقدم. وقال التركي: «الإعلام الإسلامي من المجالات التي أولتها رابطة العالم الإسلامي، اهتماما كبيرا، واتخذت منه وسيلة رئيسة في إيصال خطابها إلى الناس، والتواصل معهم أفرادا وجماعات، تحقيقا للأهداف الإسلامية التي أنشئت من أجلها، مبينا أن من الأعمال التي قامت بها الرابطة في هذا المجال عقدها للمؤتمر العالمي الأول للإعلام الإسلامي في جاكرتا قبل ثلث قرن»، مشيرا إلى ما صدر عن ذلك المؤتمر من توصيات للاستفادة من جهود الإعلاميين في جمع كلمة المسلمين، وتعزيز الأخوة الإسلامية، ومواجهة الأفكار والتيارات المعادية للإسلام، والعمل على التعريف بالقضايا الإسلامية والدفاع عنها. وأكد أن العقود الثلاثة الفاصلة بين الأمس واليوم شهد أحداثا ومستجدات كثيرة أثرت في مجرى العلاقات الدولية، وفي المناخ الإسلامي العام، وبرز في هذه الفترة تطور في وسائل الإعلام والاتصال بصورة عميقة ومتسارعة، أثرت على حياة الناس في مختلف جوانبها، وظلت الرابطة متفاعلة مع هذه المستجدات، تتابعها باهتمام وتتخذ مواقف مناسبة منها. وأكد التركي أن الرابطة تتابع المتغيرات التي حصلت في العلاقات الدولية منذ عقدين، وما أفرزته من أطروحات تنظر لحتمية الصراع بين الحضارات، واهتمت بالرد على ذلك والتركيز في خطابها الإعلامي، على الحوار في المشترك الإنساني بين أتباع الأديان والحضارات والثقافات، وعقدت سلسلة من المؤتمرات في هذا المجال، بدعم وتشجيع من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله. وقال: «الرابطة أولت العمل الإعلامي الإسلامي المشترك، عناية خاصة، وسعت إلى تعزيز التعاون بين المنظمات والمؤسسات الإسلامية الرسمية والشعبية، وعملت على تنسيق جهود الإعلاميين، وتبادل ما لديهم من تجارب وخبرات». وتمنى التركي أن يعطي المؤتمر دفعا جديدا لتعزيز التعاون في العالم الإسلامي، في مجال الإعلام وتقنية الاتصال، وتطوير شبكات التواصل بين المؤسسات والهيئات الإعلامية في الإعلام الإسلامي، وأن يستجلي آليات جديدة للإعلام الإسلامي، تعينه على الحفاظ على هوية الأمة إزاء التحديات التي تحدق بها، وخدمة القضايا المشتركة بين المسلمين. وأن يؤكد على المساندة الإعلامية للعلماء في الأمة، ولبرامج المنظمات الإسلامية في توحيد الصف الإسلامي، وإبراز القيم الإسلامية السمحة التي ينبغي أن تتجلى في الإعلام في أدائه ورسالته. وشدد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي على أبناء الأمة التمكن من الاستفادة من وسائل المعرفة والاتصال المعاصرة، حاجة ليست بعيدة المنال، وطموح يمكن تحويله إلى حقيقة واقعة، إذا تم توظيف رؤوس الأموال الإسلامية في الاستثمار الإعلامي الهادف، وتواصلت الجهود التي تبذلها المؤسسات والشخصيات الإعلامية الإسلامية، في استيعاب التقنية الإعلامية وحسن توظيفها. وأضاف «إن الحوار بين الأطراف المختلفة ولا سيما بين أتباع الأديان والحضارات، يرتكز في أدواته ووسائله في الاتصال بالآخر ومتابعة ما يقدمه، على التقنية الإعلامية ووسائلها، فإن ما يرجى أن يصل إليه الإعلام الإسلامي من تقدم في ذلك، سوف ينعكس بنتائجه الإيجابية على دعم مناشط الحوار الموضوعي الصحيح التي أسهمت فيها الأمة إسهاما جيدا، عن طريق قادتها ومنظماتها وشخصياتها المخلصة المؤثرة». واختتم كلمته «آمل أن يسفر المؤتمر عن نتائج عملية في الإرشاد إلى الخطط والآليات الكفيلة بالارتقاء بالإعلام لدى المسلمين، إلى مستويات جيدة في الجوانب الفنية والاحترافية، في التعامل مع المعلومة، سواء في استقائها أو معالجتها أو نشرها، حتى يصل هذا الإعلام إلى الفضاء العالمي وسيكتسب قيمة كبيرة، إذا هو حافظ على خصائصه الحضارية، بإنتاج خطاب إعلامي متميز يعبر عن المنحى الفكري للأمة وتوجهها ورسالتها، ويعرف بما لديها من تراث وقضايا، وينضبط في سلوكه بالقيم الإسلامية، التي تسمو به فوق المحتويات المنافية للعقيدة والأخلاق، والعصبيات الطائفية والعرقية». وعلى صعيد متصل، أكد وزير الشؤون الدينية الإندونيسي سوريا دارما على المشاركين في المؤتمر الخروج بنتائج تساهم في تقدم الدول الإسلامية والإنسانية في مجال الإعلام الجديد، مشيرا إلى نتائج المؤتمر ستكون لها مكانية ثمينة لتقدم الدولة والإنسانية. وأشار إلى أن المسلمين في حاجة إلى تعميق التعاون في الأعمال والأقوال لمواجهة التحديات التي تواجه العالم الإسلامي وتؤثر في تطوره، موضحا أن المؤتمر يشارك فيه 400 متخصص في الشريعة والإعلام من 24 دولة لصياغة وعاء يساهم في تعاون المسلمين في مجال الإعلام، حاثا وسائل الإعلام على إبراز مآثر تطبيق الشرعية التي تدعو إلى السلام والمساهمة في الدعوة في العالم المعاصر.